قال القرطبيّ: والمعنى: «اذْكُرُوه ذكْراً حسناً كما هَدَاكُمْ هَدَاية حَسنَة».
الثالث: أن يكون حالاً، تقديره: فاذكروا الله مبالغين.
والرابع: للتعليل بمعنى اللام، أي: اذكروه لأجل هدايته إيَّاكم، حكى سيبويه رَحِمَهُ اللَّهُ: «كَمَا أنَّهُ لاَ يَعْلَمُ، فتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ». وممَّن قال بكونها للعلِّيَّة الأخفش وجماعةٌ.
و «مَا» في «كَمَا» يجوز فيها وجهان:
أحدهما: أن تكون مصدريةً، فتكون مع ما بعدها في محلِّ جر بالكاف، أي: كهدايته.
والثاني - وبه قال الزمخشريُّ وابن عطية - أن تكون كافَّةً للكاف عن العمل، فلا يكون للجملة التي بعدها محلٌّ من الإعراب، بل إن وقع بعدها اسم، رفع على الابتداء كقول القائل: [الطويل]
| ١٠٠٢ - وَنَنْصًرُ مَوْلاَنَا ونَعْلَمُ أَنَّهُ | كَمَا النَّاسُ مَجْرُومٌ عَلَيْهِ وَجَارِمُ |
| ١٠٠٣ - لَعَمْرُكَش إنَّنِي وَأَبَا حُمَيْدٍ | كَمَا النَّشْوَانُ والرَّجُلُ الْحَلِيمُ |
| أُرِيدُ هِجَاءَهُ وَأَخَافُ رَبِّي | وَأَعْلَمُ أَنَّهُ عَبْدٌ لَئِيمٌ |
والخامس: أن تكون الكاف بمعنى «عَلَى» ؛ كقوله: ﴿وَلِتُكَبِّرُواْ الله على مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٥].
فإن قيل: قوله تعالى: ﴿واذكروا الله عِندَ المشعر الحرام﴾ ثم قال: «وَاذْكُرُوهُ» فما فائدة هذا التَّكرار؟
فالجواب من وجوهٍ:
أحدها: أنّ أسماء الله - تعالى - توقيفيَّة؛ فقوله أولاً: ﴿واذكروا الله﴾ أمر بالذِّكر،