قال أبُو حَيَّانَ: «ولا يصح ما قال؛ لأن واو الحال لا تدخل على المضارع، لا يجوز: جاء زيد ويضحك - تريد: جاء زيد يضحك، لأن المضارع واقع موقع اسم الفاعل، فكما لا يجوز: جاء زيد وضاحكاً، كذلك لا يجوز: جاء زيد ويضحك فإن أولَ على أن المضارع خبر لمبتدأ محذوف، أمكن ذلك، التقدير: وهو يعلم الصابرين.
كما أولوا قول الشاعر: [المتقارب]
١٦٤٠ -................... نَجَوْتُ وَأرْهَنُهُمْ مَالِكا
أي: وأنا أرهنهم»
.
قال شهابُ الدين: «قوله: لا تدخل على المضارع، هذا ليس على إطلاقه، بل ينبغي أن يقول: على المضارع المثبت، أو المنفي ب» لا «؛ لأنها تدخل على المضارع المنفي ب» لم ولمَّا «. وقد عُرِف ذلك مراراً».
ومعنى الآية: أن دخول الجنة، وترك المصابرة على الجهاد مما لا يجتمعان.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الموت﴾ قرأ البزي: بتشديد تاء «تَمَنَّوْنَ»، ولا يمكن ذلك إلا في الوصل، وقاعدته: أنه يصل ميم الجمع بواو، وقد تقدم تحرير هذا عند قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَيَمَّمُواْ الخبيث مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: ٢٦٧].
قوله: «مِن قَبْلِ» الجمهور على كسر اللام؛ لأنها مُعْربة؛ لإضافتها إلى «أنْ» وصلتها.
وقرأ مجاهد وابنُ جبير: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ بضم اللام، وقطعها عن الإضافة، كقوله تعالى: ﴿لِلَّهِ الأمر مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ﴾ [الروم: ٤] وعلى هذا فَ «أنْ» وَصِلَتُها بدل اشتمال من «الْمَوْتَ» في محل نصب، أي: تَمَنَّوْنَ لقاء الموت، كقولك: رَهِبْتُ العَجُوَّ لقاءَه، والضمير في «تَلْقَوْهُ» فيه وجهان:
أظهرهما: عوده على «الْمَوْتَ».
والثاني: عوده على العدو، وإن لم يجر له ذِكْر - لدلالة الحال عليه.
وقرأ الزُّهَرِيُّ، والنخعيّ «تُلاَقُوه»، ومعناه معنى «تَلْقَوْه» ؛ لأن «لقي» يستدعي أن يكون بين اثنين - بمادته - وإن لم يكن على المفاعلة.


الصفحة التالية
Icon