مع تمكُّنِهِ من تركِهَا لا لِشَيْءٍ غير الرَّغْبة في إضافة المصْدَرِ إلى الفاعل دُون المَفْعُول، ومن الفَصْلِ بالمفعُول به أيضاً قول الآخر في ذلك: [الرجز]
٢٣٣٧ - وحِلَقِ المَاذِيِّ والقَوانِسِ | فَدَاسَهُمْ دَوْسَ الحَصَادَ الدَّائِسِ |
ومثله قول الآخر: [الرجز]
٢٣٣٨ - يَفْرُكُ حَبَّ السُّنْبُلِ الكُنَافِجِ | بالقَاعِ فَرْكَ - القُطُنَ - المُحَالِجِ |
٢٣٣٩ -................... بِوَاديهِ مِنْ قَرْعِ - القِسيَّ - الكَنَائَنِ
يريد: قَرْع الكَنَائِنِ القِسِيَّ. قال ابن جِنِّي في هذا البيت: «لم نَجِد فيه بُداً من الفَصْلِ؛ لأن القوافي مَجْرُورَة» وقال في «زَجِّ القَلُوصِ» فصل بَيْنَهُما بالمَفْعُول به، هذا ما قُدْرَته إلى آخَر كلامهِ المتقدِّم، يعني: أنَّه لو أنْشَد بَيْت الطِّرْمَاح بخَفْضِ «القِسِيِّط ورفع» الكَنَائِنِ «لم يَجُز؛ لأن القَوافِي مَجْرُورة بِخِلاف بَيْت الأخْفَش؛ فإنه لو خفض» القَلُوص «ورَفع» أبُو مَزَادَة «لم تَخْتَلِف فيه قَافيِتَه ولمْ يَنْكَسِر وَزْنَه.
قال شهاب الدِّين: ولو رفع» الكَنَائِن «في البيت، لكان جَائِزاً وإن كانتِ القوافي مَجْرُورة، ويكُون ذلك إقْوَاءً، وهو أن تكُون بَعْضُ القَوَافي مَجْرُورة وبَعْضُها مَرْفُوعة؛ كقول امرئ القيس: [الكامل]
٢٣٤١ - جَالَتْ لِتصْرَعَنِي فَقُلْتُ لَهَا اقْصِري | إنِّ امْرُؤٌ صَرْعِي عَلَيْكِ حَرَامُ |
قيل: لا يتقاعد ذلك عن أنْ يَكُون مِثْل هذه للضَّرُورةَ، والحقُّ أن الإقْواء أفْحَشُ