له حسن صوت، ولا معرفة بالألحان إلا أنه كان جيد الأداء قيمًا باللفظ، فكان إذا قرأ أطرب المسامع، وأخذ من القلوب بالمجامع، وكان الخلق يزدحمون عليه، ويجتمعون على الاستماع إليه، أمم من الخواص والعوام، يشترك في ذلك من يعرف اللسان العربي ومن لا يعرفه من سائر الأنام مع تركهم جماعات من ذوي الأصوات الحسان١.
والتجويد أبعد ما يكون عن التكلف في النطق، والتعسف في الأداء، يقول أبو عمرو الداني، مشيرًا إلى الصور المرفوضة في الأداء، والتي ينبغي أن ينأى عنها القراء : فليس التجويد بتمضيع اللسان، ولا بتقعير الفم، ولا بتعويج الفك، ولا بترعيد الصوت، ولا بتمطيط الشد، ولا بتقطيع المد، ولا بتطنين العنات، ولا بحصرمة الراءات، قراءة تنفر منها الطباع، وتمجها القلوب والأسماع، بل القراءة السهلة العذبة، الحلوة اللطيفة التي لا مضغ فيها، ولا لوك، ولا تعسف، ولا تكلف، ولا تصنع ولا تنطع، ولا تخرج عن طباع العرب، وكلام الفصحاء بوجه من وجوه القراءات والأداء٢.
والوصول إلى المستوى الصحيح من تجويد القرآن، يتطلب مزيدًا من الدربة، والمران، والتلقي عمن يحسن الأداء، وكلما أمعن القارئ من الدربة، والرياضة على القراءة الصحيحة، بعيدة عن مساوئ التكلف وصل ما يريد من التجويد.
وبجانب هذا كله فإن قراءة القرآن عبادة تتطلب حسن النية، وإخلاص العمل، والرغبة الصادقة في التقرب إلى الله بتلاوة كتابه، والعمل بما فيه :
________
١ المرجع السابق ص٣٠٢.
٢ النشر ج٢ ص٣٠٣.
١١٥ | ٣٢٠