وقيل في توجيهها : إن هذه القراءة على طريق إخفاء النون الثانية في الجيم، وهذا بعيد؛ لأن الرواية بتشديد الجيم، والإخفاء لا يكون معه تشديد.
وقيل أدغم النون في الجيم، وهذا أيضًا لا نظير له؛ لأن النون لا تدغم في الجيم في شيء من كلام العرب لبعدما بينهما.
يقول مكي١ : وإنما تعلق من قرأ هذه القراءة أن هذه اللفظة في أكثر المصاحف بنون واحدة، فهذه القراءة إذا قرئت بتشديد الجيم، وضم النون، وإسكان الياء غير متمكنة في العربية".
وكان أبو عبيد٢- يختار هذه القراءة اتباعًا للمصحف على إضمار المصدر بقيمة مقام الفاعل، وينصب المؤمنين، ويسكن الياء في موضع الفتح، ويرى مكي أن هذا كله قبيح بعيد، كما اختار أن يكون أصله "ننجي" ثم أدغم النون في الجيم، وعلق مكي على ذلك بأنه غلط قبيح؛ لأنه لا يجوز الإدغام في حرف مشدد كما لا يجوز إدغام النون في الجيم عند أحد٣، وعلى الاختيار الثاني لأبي عبيد يكون "نجي" فعل مضارع، وعلامة الاستقبال سكون الياء٤.
واحتج بعضهم لهذه القراءة بأن "نجي" فعل ماض، مبني للمجهول، ثم سكنوا الياء، وتأويله :"نجى النجاء المؤمنين" فيكون "النجاء" مرفوعًا على أنه نائب عن الفاعل، والمؤمنين مفعول به، كما تقول :"ضرب الضرب زيدًا" ثم يكنى عن الضرب، فتقول :
________
١ الكشف ج٢ ص١١٣.
٢ هو أبو عبيد القاسم بن سلام وهو من أوائل الأعلام الذين بحثوا في القراءات رواية وتوجيهًا.
٣ الكشف ج٢ ص١١٣.
٤ حجة القراءات ص٤٦٨.
٢٩٩ | ٣٢٠