لم يذكر القرآن رق الأسرى، بل قال: ﴿حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ فلم يذكر في الأسرى إلا المن عليهم بإطلاقهم أو فدائهم بالمال، إن كان في قومهم قدره على الفداء، ولقد وسع القرآن في أسباب العتق وفتح باب الحرية الإنسانية على مصراعيه، اعتبروه قربة ولو كان الرقيق غير مسلم، فقال: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ وأوجب على من يفطر في رمضان عامداً من غير عذر عتق رقبة، ومن يحلف ويحنث عتق رقبة، ومن يجري على لسانه عبارة لامرأته يشبهها بأمه عليه عتق رقبة، ومن يقتل مؤمناً خطأ عليه عتق رقبة، وإذا طلب العبد عتقه في نظير أن يؤدي ثمنه مثلاً - كاتبه مولاه على ذلك، وتركه ليكسب ثمنه، ومن ملك بعض محارمه عتق عليه، ومن ضرب عبده ظلماً فكفارته عتقه. وهكذا تعددت أسباب العتق حتى أنها لو نفذت كلها لا يبقى رقيق في دار الإسلام أكثر من سنة واحدة.
كل هذا في زمن أهملت فيه حقوق الإنسان، فإذا كان هذا بعض ما اشتمل عليه القرآن، ألا يكون دليلاً على أنه من عند الرحمن؟
* * *


الصفحة التالية
Icon