ولقد ورد في الأثر: أن عقيل بن أبي طالب قد وقع بينه وبين زوجته خلاف، فلما علم بأمره عثمان، وقد كان الأمر في عهده، حكم الحكمين فأصلحا بينهما، وأوجبه مالك وأحمد في كل نفرة بين الزوجين، لا يعلم سببها، وجعلا ذلك لازماً على القضاء إذا ترافع الزوجان إليه في ذي شيء من شئون الزوجية تبين من ورائه القاضي أن ذلك الخلاف يكشف عن نفرة، وليس بين يديه من الظواهر ما يعرف به سببها.
حتى إذا كانت النفرة غيرها قابلة للعلاج وكان التفريق أمرا لابد منه، جعل القرآن الكريم التفريق تدريجياً لا قطعياً بالنسبة للزوجة المدخول بها، وذلك أن النفرة إن كانت قبل الدخول فإن الإسلام جعلها قاطعة من غير تدريج لأنهما اختلفا في أول الطريق وكان من المصلحة الإجتماعية ألا يستمرا، وأن يتجه كل منها إلى وجهته كالرفيقين في سفر إن اختلفا في الطريق قبل ابتداء السير عدلاً عن الرفقة، ولم يوغلا في الطريق، واتجه كل إلى وجهته، ولذلك لم يحرص القرآن الكريم على إعطاء فرصة للمراجعة بفرض عدة بعد الطلاق قبل الدخول عسى أن يراجعا فيها ويستأنفا حياة زوجية، بل جعل الفرقة بائنة فاصمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ فلم يجعل