ولا شك أن رؤيته لها أو إمكانه الرؤية، وسكناها في بيته طول مدة العدة، وقدرته على المراجعة، واستمراره على الطلاق طول هذه المدة، وهي نحو ثلاثة أشهر في أكثر الأحوال، وعدم محاولته المراجعة فيها، دليل على أن النفرة مستحكمة، وقد بلغت أقصى مداها، وآخر منتهاها، بحيث لا يمكن أن تكون عشرة صالحة بحال من الأحوال - ومع ذلك فإن النفس قد تكون تائقة لعد العدة وأنه يمكن أن يتدارك الأمر، فالشارع قد احتاط احتياطاً رابعاً، فلم يجعل الطلاق الأول قاطعاً قطعاً غير قابل للوصل، بل أعطى المطلق ثلاث طلقات على ثلاث دفعات، فإذا كان وانتهت العدة جاز استئناف الحياة الزوجية بعقد جديد ومهر جديد، إذا كان ثمة احتمال لاستئناف حياة زوجية يؤدم فيها بمودة رابطة وعشرة حسنة وعدالة في المعاملة من الجانين.
وقد احتاط الشارع احتياط خامساً، ذكر في القرآن وهو الإشهاد على الطلاق، ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ ولا شك أن حضور الشهود العدول في الطلاق قد يحملان المطلق على مراجعة نفسه قبل إيقاع الطلاق، بل قد يحملانه على العدول،


الصفحة التالية
Icon