ولم يكن عنده من تجارب الحياة أكثر من شخص يقيم في بلد أمي ليس فيه علم، ولا درس، ولا بحث، ولا استقصاء، وليست له أسفار أكثر من مرتين، فإذا قال هذا الأمي: إن هذا علمنية اللطيف الخبير، وإنه تنزيل من حكيم حميد، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهل يكون كاذباً؟ إن الوقائع تؤيده والحقائق تصدقه والعقل يقره، مذعناً مؤمناً مطمئناً، إذ لم يكن مئوفاً بآفة من الغرض والهوى، قد أركسته الشهوات وأضلته الأوهام.
وقد يقول قائل: إنك مهما تصور الطلاق بصورة الحقيقة التي يلجأ إليها والضروره المرة التي يضكر المطلق إليها، فإن ثمة ظلماً واقعاًَ بالمرأة، فإنها الأخرى قد تنفر من الزوج أشد النفور فكان ينبغي أن يفتح لها الباب كما فتح للزوج، ولكنه غلق دونها وأحكم تغليقه.
والجواب عن ذلك: أنه لم يغلق دونها بل فتح لها، ولكن بين يدى القضاء، وبتطليق القاضي، ولم يترك لها الأمر وحدها لسببين:
أحداهما: أن الزوج قد تكلف في سبيل الزواج تكليفات مالية كبيرة، فليس من العدالة أن نجعل لها أمر التطليق تطلق نفسها