فالإسلام حرم الخمر وأقام الحد على شاربيها، ومع ذلك أبيح لهم أن يشربوها إن كانوا تحت حكم المسلمين.
* * *
والإسلام حرم الخنزير واعتبره رجساً وأبيح لغير المسلمين أن يأكلوه، بل أكثر من ذلك أن الإسلام - ككل الأديان السماوية حرم الزواج من البنات والأمهات وغير ذلك، وكان المجوس يسيبيحون ذلك، فلم يمنعهم الإسلام من تلك الاستباحة التي تنفر منها الطبائع الإنسانية، بل لقد الغ الإسلام في حماية حرية المخالفين إن عاشوا تحت حكمه واستظلوا برايته العادلة، وإنه ليعاقب على من يعتدي على خمر أو خنزير يستبيحها ذمى، فإن أراق مسلم خمراً لذمى يعيش تحت الراية الإسلامية، أو قتل خنزيراً له أوجب الإسلام على مقتضى استنباط الإمام أبي حنيفة وكثيرين من الفقهاء، أن يدفع قيمة ما أتلف، ولقد همَّ الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز أن يمنع غير المسلمين الذين يعيشون في ظل الإسلام من أن يشربوا الخمر أو يأكلوا الخنزير ويتزوجوا البنات، فاستئار في ذلك واعظ التابعين الحسن البصري فمنعه، وبين له أن الصحابة ساروا على ذلك، ثم بين أن مخالفتهم بدعة في الدين لا تجوز، وقال له في قوة وحزم: "إنما أنت متبع لا مبتدع".