وإنه لكي يكون غير المسلمين في حرية دينية كاملة إن رضوا بالإقامة مع المسلمين في ظل دولتهم، أبيح لهم أن يتخاصموا في أمورهم الدينية أو ما يتصل بها، وفي المعاملات الخاصة بهم إلى غير القاضي المسلم العام، الذي يحكم بين المسلمين، إلا إذا كان في القضية خصم مسلم، فإنه في هذه الحال لا يسوغ للقاضي غير المسلم الذي أعطى ولاية خاصة أن يحكم على المسلم، وإن ذلك صريح القرآن الذي يؤخذ منه من غير تأويل: "فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" وفي ظل القرآن الكريم وجدت امتيازات طائفية كان الأصل فيها العدل المطلق والحرية السامية التي أعطاها الإسلام لغير المسلمين الذين ارتضوا ولايته، وإذا كان الإسلام العادل قد أعطاها فاتخذوها ذريعة للانتقاض على الحكم، والعبث بدولته، فليس العيب على الإسلام العادل، إنما العيب في الإنسان الناقص الذي استغل العدل ليتخذ منه بناء الظلم، واتخذ الحرية التي منحها أهل العدل ليفسد بها أمر العادلين، ويهزع حكم المتقين، وفي ظل الحرية الدينية التي أعطاها القرآن والرسول الذي بين القرآن وجدنا غير المسلمين في القرون الأولى يعيشون في ظل القرآن، في حرية دينية لم ينعموا بها في الأمم التي تتدين بدينهم، فإن القوارق المذهبية ومحاولة كل فريق أن


الصفحة التالية
Icon