يجعل الآخر على مذهبه بسيف القوة وعنفوان السلطان، إن كان أحد المذهبين له سلطان، كان يذهب بالحرية الدينية، بل إن تلك المعاملة الإسلامية الرقيقة وتلك الحرية العادلة كان سبباً في أن الذين صفت نفوسهم ولم يستول عليها التعصب الطائفي، يدخلون في الإسلام أفواجاً أفواجاً، وإنه لإدراك الخلفاء الراشدين لمعنى الحرية الدينية العادلة لم يرهقوا أحدا أي عسر بسبب دينه، بل وجدنا الفاروق عمر بن الخطاب تحضره الصلاة في كنيسة فلا يصلي فيها، حتى لا يتخذها الناس مسجداً فيظلموا أهلها، بل لقد وجدنا ذلك الإمام العادل يتقدم بنفسه لإزالة التراب عن هيكل لليهود، فقد رأى عند دخوله بيت المقدس وعقده المعاهدة مع أهله رأس هيكل قد دفن في التراب ثم علم أنه هيكل لليهود وطمره الرومان، فأخذ عمر يزيل عنه التراب يفضل ثوبه فاتبعه كل جيشه فيما صنع فلم يمض وقت حتى زال التراب عن الهيكل، ولو أنطقه الله تعالى لقال: إن ذلك عدل الإسلام وحرية الإسلام وتسامح أهل القرآن.
ولقد كان عمر يتحرى عن أعمال الولاة الذين يوليهم الأمر في الأقاليم وكان كثير من أهلها ذميين، وأول من يسأل عن أعمالهم عو معاملتهم لأهل الذمة، فإن علم أنهم يأخذونهم بالرفق كان أمارة العدل، وإلا كان العزل، بل كان النكال والعقاب.
وعمر الحاكم بحكم القرآن هو الذي أمر الفتى القبطي با، يقتص