من الأخلاق في شيء لأنهم يهدمون أحياناً أقدس المبادئ الدينية والخلقية والاجتماعية، بدعوى أن الغاية الفاضلة تبرر طرائقها أياً كان نوعها، وإن قضية الغاية تبرر الوسيلة، ويقصدون بها أن الغاية الفاضلة تسهل قبول الوسيلة الآثمة، إنما هي ثمرة العقول الأوربية التي لا يهمها إلا الوصول إلى ما يبغون، فيهتكون الحرمات ويبيحون المرحمات بدعوى أن الغاية تبرر الوسيلة.
والحقيقة أن ذلك ستر لمآثمهم وإخفاء لمقاصدهم وتبرير لجرائهم، وإن غايتهم هي من جنس وسائلهم، إن الفاضل حقاً وصدقاً يطيع أوامر الأخلاق ونواهيها، وهي أمر الله ونواهيه، ويعتبرها كلها غايات في ذات نفسها، والحيل التي تهدي إلى الفضيلة لابد أن تكون فاضلة ولقد قال علي بن أبي طالب: "وقد يرى الحُوَّلُ القلبَّ وجه الحيلة ودونه مانع من أمر الله ونهيه، فينتهزها من لا صريحة للدين في قلبه".
ولقد سقنا ذلك القول لإثبات أن الغايات الفاضلة من العدل والمصلحة هي التي تحدد نوع الشورى التي تكون وسيلتها فنقدمها في البيان عليها.
إن شريعة القرآن هي شريعة الرحمة ومن رحمة الله سبحانه وتعالى بخلقه أن أقام أمورهم على دعائم من المصلحة الحقيقة التي تليق بالإنسانية العالية التي تسير بالإنسان في مدارج الرقي.