وهاتان مقدمتان صادقتان كل الصدق تنطبق بهما آي القرآن الكريم.
أما الرحمة فهي صريح القرآن وهي غاية البعث المحمدي فقد قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (٢) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ﴾ ﴿هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ ولقد بين سبحانه أن استمساكم بالقرآن يؤدي إلى الرحمة الإلهية والإنعام في الدنيا والآخرة: ﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ وهكذا يجد المتتبع لآيات القرآن الكريم أنه في ذاته رحمة وفي شريعته رحمة وفي الغاية التي ينتهي إليها المؤمن إن استمسك به رحمة، والرحمة غاية البعث المحمدي وثمرته ونتيجته ونهايته.
وقد يقول قائل: كيف يتفق مع الرحمة ما شرع القرآن من عقوبات زاجرة صارمة ويعبر بعض الناس بأنها قاسية: كقطع يد السارق وجلد الزاني مائة جلدة، وسمي ذلك القرآن عذاباً فقال: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وكذلك القاذف للمحصنات ثمانين جلدة، ثم كيف تكون الشريعة رحمة وقد شرع فيها القتال وأبيحت فيها الدماء؟
وما كان لهذا القول من مكان النظر والاستدلال لأن رده مشتق من البدهيات المقررة التي تواضعت عليها كل الشرائع، من