سماوية وأرضية، ولكن ردده ناس وطعنوا في حكم القرآن واتخذوا ذلك مساغاً للطعن، وهدفاً للاستنكار، ولذلك حق علينا أن نشير إلى الرق في هذا المقام.
إن رحمة القآن رحمة العموم وهي الرحمة الفاضلة التي تكون لنصرة ونفع الناس، وليست رحمة القرآن هي الرحمة التي تحمي الجرائم وتعطف على الآثمين، وتدلل الفجار، وتعتذر للجريمة والإجرام، وتقف نفسها من نفع الناس في جملة أحوالهم موقف من لا يعبأ ولا يلتفت، ومن الجريمة والإجرام موقف من يتغاضى ويعطف، فإن الرحمة بالجاني هي عين القسوة، وإن العطف على المجرم هي عين الأذى، وكم من مظاهر رحمة هي في غابتها ونتيجتها شر القسوة وكم من مظاهر شدة هي في معناها ونتيجتها عين الرحمة.
ومن أجل هذه الرحمة الحازمة الفاضلة كانت الحدود الإسلامية، ومن رأي فيها ما يناقض الرحمة فهو لم يفهم نظم الاجتماع، ولم يخضع لقانون الفضيلة الرادع، بل يتجه إلى ترك الشر يجرى في مجاريه حتى يحطم سبله، ويتفاقم أمره، ويكون من ذلك الناس في شدة ليس وراءها شدة.
إن قطع يد السارق أهون عند الله وعند كل من يفهم حكمة شرع الله، من أن تنتهب الأموال ويسود الخوف بدل الأمن،