وترتكب الجرائم والجنايات على الأرواح في جنح ظلام الليل البهيم، وليسأل الذين ينقذون حكم الشارع في هذا: كم جريمة سرقت أفضت إلى موت المسروق؟ وكم يد تقطع كل عام إذا أقيم حد السرقة؟ مع ملاحظة أن الحد لا يقام إلا إذا انتقت كل شبهة، كما قال عليه السلام: "أدرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم" إن نتيجة الإحصاء ستوضح لا محالة أن عدد المقطوعين بحكم الله دون من يموتون تحت سلطان الهوى وغواية الشيطان.
إن أنهار الصحف السيارة تفيض كل يوم بسارق يترقب المسروق ثم يقتله لبضعة جنيهات، لأنه لا يصل إلى الجريمة إلا بعد بخع نفسه، وإزالة نأمتع حتى لا يتحرك، وإنه أصبح من المألوف لدى الباحثين أن يكون القتل لقصد السرقة حتى إن رجال التحقيق عندما يبتدئون تحقيقهم ليضعوا أصابعهم على الجريمة والمجرمين، وليضيئوا التحقيق بين أيديهم، ويبحوث أولاً، أكان القتل لأجل المال أم كان لما سواه، وكثيراً ما يتجهون إلى الصواب في الأمر إن قصدوا ذلك القصد، ويعرفون أن القتل لأجل السرقة والمال لا شيء سوى ذلك، فإذا جاء امرؤ يقول: إن قطع اليد ليس من قوانين الرحمة، ولا مما يدخل في عمومها فقد نظر إلى الرحمة بالجاني وترك الرحمة بالمجني عليه؟
إن بين أيدينا اثنين: قاتلاً ومقتولاً، وسارقاً ومسروقاً،