العقوبة وأخذتهم الرأفة وما كانوا مؤمنين، وجعلوا الأساس في اعتراضهم يقوم على ثلاثة أمور:
أولها: أن أساس العقاب أن يكون من الشخص اعتداء على غيره، وإذا تراضى اثنان على هذه الحادثة، فكيف يعاقب كلاهما عليها مع أنها أمر شخصي لا اعتداء فيها ولا مساس لغيره؟.
ثانيها: أن العقوبات البدنية في ذاتها غليظة لا تجوز، وهي بقية من بقايا الهمجية، ولا تتفق مع الحضارة القائمة.
ثالثها: أن مقدار العقوبة في ذاته كبير، فقد تضعف القوة عن احتماله، فيكون الموت...
ذلك قولهم بأفواهم، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، وإن أساس القول عندهم أنه لا جريمة في الونا، إلا إذا كان اعتداء، وإذا لم تكن جريمة فلا عقوبة، وعلى فرض أن ثمة عقوبة فعقوبة الإسلام قاسية في نوعها، وقاسية في مقدارها، وهنا يختلف نظر الإسلام في الجريمة عن نظرهم، فالإسلام نظر إلى هذه الجريمة من حيث المعنى الخلقي فيها، ومن حيث ما تؤدي إليه من إضعاف النسل، وإفشاء الأدواء التي تتوارث وتشوه الأجسام، وتفسد الضمائر، وتخرج إلى الوجود أطفالاً لا أسر لهم ولا أباء يرعونهم، ويكونون كلاًّ على المجتمع، فوضع العقوبة