على قدر هذه المآلات، وليمنع الإنسان من التردى إلى الحيوانية، وإن هذه العقوبة من جنس الجريمة، لأن الزاني والزانية انحدار بجريمتهما إلى الدركة الحيوانية، فحق عليهما أن يعاقبا بعقاب الحيوان، بالضرب الشديد والرقع العنيف، ولا يصلح أن ينزل امرؤ إلى درك الحيوانية الأسفل، ويطالب بأن يعامل معاملة الإنسان الكامل فطبائع الأشياء تقتضي التجانس بين العمل والأجر، والعقاب، هذا نظر الإسلام، أما أولئك فسوغت لهم أنفسهم أن يفهموا الجريمة ذلك الفهم القاصر، ولم يلتفتوا إلى المعنى الخلقي، ولا إلى المعنى الإنساني، ولم يلتفتوا إلى تلك المآلات الاجتماعية والصحية فشاعت بينهم الفاحشة، وقل النسل عندهم، وانتشرت الأدواء الفتاكة وحملوا إلى الشرق مع الداء النفسي وهو فشو الزنا، الداء الأفرنجي، فوجدت في الشرق تلك الأدواء الخبيثة، وشاهشت الأجسام وتوارث الأبناء الداء عن الآباء.
ومن الغريب أن يتكلم الغربيون ومن لف لفهم في العقوبات البدنية، وهم في الحروب ومعاملة غيرهم لا يرعون إلاًّ ولاذمة، وفوق ذلك فإن العقوبة البدنية ليست شراً لذاتها، بل هي شر لما فيها من إيلام، وكذلك كل عقوبة، فلماذا تعد هذه همجية وتلك إنسانية إنه حيث وقعت الجريمة ووجب العقاب فالعدل والإصلاح هو الذي يقرر العقوبة، وقد ذكرنا أن عقوبة الجلد من جنس العمل.