العقول الضعيفة، ولذلك كان محمد أرحم الناس بالناس عندما قال: "من لا يَرحم لا يُرحم" لأن قانون الرحمة يوجب الرحمة مراعاة أمن الآمنين، وهي كالمنفعة يجب أن تكون في ظل الفضيلة وأن تكون شاملة لأكبر عدد من الناس، ولو تردد الإنسان بين الرحمة بعشرة ينقذهم من فتك شرير أثم بقتله، وبين الرحمة بهذا الشرير يتركه حياً، لكان قانون العدد والحساب يقول: إن الرحمة بالواحد إجرام وإشقاء، وإن الرحمة بالعشرة عدل وإبقاء، وإنها الرحمة الحق وغيرها هوى النفس، وإن لبس مسوح التسامح والعفو" فكم من تسامح يكون في ظله الإجرام ويفرخ فيه الفساد.
بهذا المنطق نسبر عندما ننظر إلى اعتداء جماعة على جماعة، ونحكم على اعتداء المشركين على المسلمين، فالرحمة توجب قتالهم والسلام يوجب امتشاق الحسام لنزالهم وليس رحمة أن يتركوا يعبثون في الأرض فساداً، وليس تسامحه أن يتركوا في اعتدائهم سادرين في غيهم، إنما الرحمة أن يقفهم أهل العدل ويجتثوا بقتالهم شأنه الظلم، وإن التسامح مع الأشرار شر مادام شرهم يعم ولا يخص.
وإن القتال ليس فقط رحمة بالمعتدي عليهم بل إنه رحمة بالمعتدين أنفسهم، ولا نقرر ذلك لأن من الرحمة بيهم أن يدخلوا