… والعلم بالمكي والمدني وإن لم يكن منصوصاً عليه توقيفاً ولا مطلوباً في تحصيله بنص فإنه من بين علوم القرآن اللازمة لبيانه وتفسيره والوقوف علي مقاصده، لكن الزركشى يسوق كلاماً في لزوم معرفته فيقول " من أشرف علوم القرآن، نزوله وجهاته وترتيب ما نزل بمكة وما نزل بالمدينة وحكمه مكي وما نزل بمكة وحكمه مدني …إلي قوله هذه خمس وعشرون وجهاً من لم يعرفها ويميز بينها لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله تعالي ).
… وقد أختلف العلماء في بيان المكي من المدني علي أقوال كثيرة، وأما أقرب ما قيل في تعداد السور المكية والمدنية إلي الصحة أن المدني عشرون سورة، والمختلف فيه إثنتا عشر سورة وما عدا ذلك مكي وهي إثنتان وثمانون سورة، وذكروا علي أقوال أخري مشتهرة بين المسلمين أن عدد السور المكية ٨٥ والسور المدنية ٢٩ سورة.
… وهناك أنواع تتعلق بالمكي والمدني مثل : الحضري والسفري، والليلي والنهاري، والصيفي والشتائي وغيرها من الأنواع التي ذكرها أهل العلم، وقد أفاض السيوطي في الإتقان، والزركشي في البرهان، والزرقاني في مناهل العرفان، ونذكر منها ما تيسر في عجالة كي يتبين للمسلم المعاصر مدي الجهد الذي بذله سادتنا العلماء في تحري وقت نزول السور بل الآيات ومكانها وحالها:
* الصلة الأولي :( الحضري والسفري ) :
وأكثر القرآن نزل في الحضر، وكانت حياة الرسول صلي الله عليه وسلم عامرة بالجهاد والغزو في سبيل الله حيث يتنزل عليه الوحي في مسيره وأسفاره ومن أمثلة ما نزل في السفر : النساء : ١٠٢، المائدة : ٣، التوبة : ٤٢ وما بعدها، الفتح كلها.
*الصلة الثانية :( النهاري والليلي ):
نزل أكثر القرآن نهاراً، وأما الليلي فمن أمثلته : آل عمران : ١٩٠، التوبة : ١١٨ سورة مريم كلها.
* الصلة الثالثة :( الصيفي والشتائي ):
ومرادهم بالصيف أيام الحر، وبالشتاء أيام البرد.