والإنسان فى عقيدة القرآن هو الخليفة المسئول بين جميع ما خلق الله، وذكر فيه بغاية الحمد وغاية الذم فى الآيات المتعددة وفى الآية الواحدة فلا يعنى ذلك أنه يذم ويحمد فى آن ٍواحد، وإنما معناه أنه أهل للكمال والنقص بما فُطرعليه من إستعداد لكل منهما فهو أهلٌ للخير والشر لأنه أهل للتكاليف، ولذلك فقد منحه الله فرصة التميز والإختيار ليقوم بتبعته الفردية ويتحملها، وحذره القرآن من عدوه اللدود ألا وهو الشيطان المريد وأكد القرآن التحذير حتى لا يبقى للإنسان عذر يعتذر به إذا وقع فى شراك هذا الشيطان، و ذلك ليتم له التمكين فى الأرض من إقامة شرع الله فيها، وأن يبتغى فيها معيشته و يتخذ فيها زينته، لتتم بها عدته، ولا يزهد فى شئ من خيراتها ما دام طيباً تخرجه له الأرض بأذن الله، وتكون هذه الزينة للعبادة واجبة، فليس السعى فى سبيل الدنيا ضلالاً عن سبيل الآخرة، فليس فى القرآن فصام بين روح وجسد، أو إنشقاق بين عقل ومادة أو إنقطاع بين سماء وأرض، أو بين ظاهر و باطن، وبين غيب وشهادة، بل هى العقيدة على هداية واحدة، تحسن بالروح كما تحسن بالجسد فى غير إسراف ولا خروج عن السبيل.
*********************************
الأمثال فى القرآن
... ضرب الله الأمثال للناس فى القرآن لوناً من ألوان الهداية الإلهية التى تغرى النفوس على الخير، أو تحضها على البر، أو تمنعها من الإثم أو تدفعها للفضيلة، وقد تناولت هذه الأمثال مجالات عدة : فمثلت الإيمان ومثلت الكفر ووضحت فى صورة مجسمة، وألبست المعنوى ثوب المحسوس، وفصلت المُجْمَل وأوضحت المُبهمْ ؛ فالتمثيل يُقرب الفكرة إلى العقل ويجعلها أوضح للمنطق لأن فى المَثل تجتمع أربعة لا تجتمع فى غيره من الكلام : إيجاز اللفظ وإصابة المعنى، وحسن التشبيه وجوده الكناية.


الصفحة التالية
Icon