٢ ) جُمِعَ القرآن في عهد سيدنا أبو بكر الصديق، فقد حدث ما حَمَّله ُعلي جمع القرآن في مصحف واحد، وهو موت كثير من حفظة القرآن من الصحابة في موقعة اليمامة، وقام زيد بن ثابت وهو من كتبة الوحي بجمعه وترتيبه، وقد راعي في كتابة الصحف أن تكون مشتملة علي ما ثبتت قرآنيته متواتراً وأستقر في العرضة الأخيرة، ولم تنسخ تلاوته، وأن تكون مرتبة الآيات والسور جميعاً، ثم وضعه في بيت أبو بكر، ولما توفي وضع في بيت عمر بن الخطاب، ولما توفاه الله أيضاً أستقرعند السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب.
٣) ولما كانت غزوة أرمينية وإذربيجان في السنة الثالثة من خلافة سيدنا عثمان بن عفان، ووقع الخلاف بين القراء في وجوه القراءة، وأتهم كل منهم الأخر بالخطأ والتحريف، وحين إذ أدرك سيدنا عثمان بن عفان خطر هذا الخلاف، ووأده بوضع حد له بجمع القرآن ونسخه في مصاحف توزع علي البلدان الإسلامية وإحراق ما عداه، واختار لهذه المهمة أربعة من كبار الصحابة وهم ( زيد بن ثابت، عبد الله بن الزبير، سعيد بن العاص، عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ) وكانوا لا يكتبون شيئاً إلا بعد عرضه علي الصحابة جميعاً ويتحققوا من أنه قرآن وأستقر في العرضة الأخيرة.
… وكان المصحف علي عهد سيدنا عثمان خالياً من النقط والشكل، وأستمر هكذا حتى إنتشرت الفتوحات الإسلامية وأختلط العرب بالأعاجم، والأعاجم يعسر عليهم النطق بكلمات القرآن لأنها مجردة من النقط والشكل، فأخترع أبو الأسود الدؤلي بأمر من زياد بن أبيه النقط فبدأ بإعراب القرآن بوضع نقط بمداد يخالف مداد المصحف، إذ جعل للفتحة نقطة فوق الحرف، وللضمه نقطة إلي جانب الحرف، وللكسرة نقطع أسفل الحرف، والمنون نقطتين متجاورتين، وأستمرت التحسينات تدخل عليه حتى أصبح علي هذه الصورة، ولكن لم تكن نقط الإعجام التي فوق الحرف وتحته قد عرفت بعد.