.... القرآن الكريم هو الذى حفظ اللغة العربية من أن تذوب فى اللغات الأجنبية التى تغلبت على اللغة العربية بحكم السياسة فى عصور كثيرة، وظروف مختلفة، فحَكَمَهُمْ الفرس والترك وخضعوا لسلطان الأجنبى الأوروبى وتعلموا لغاته، والتمسوا علومه، وكان هذا جديراً بأن يمحق اللغة العربية، ولكن القرآن الكريم عصم هذه اللغة من الضياع، إذن فأن بقاء العربية الى اليوم، والى ما شاء الله راجع إلى الدفاع عن القرآن لأن الدفاع عنه لكونه أصل الدين، ومستقى العقيدة يستتبع الدفاع عنها لأنها السبيل إلى فهمه، بل لأنها السبيل إلى الإيمان بأن الإسلام دين الله.
.... فالقرآن الكريم هو الذى وحد اللغة العربية الأدبية بعد أن كانت تختلف لهجاتها بإختلاف بعض القبائل، بل أثر فى لغات كانت حية فانتشرت فأخفاها القرآن من البلدان الإسلامية، وأتاح للغة العربية أن تستأثر بألسنة الناس وأقلامهم، وفى ألسنتهم كبلاد فارس ومصر وسوريا والجزيرة، فكانوا يتكلمون الآرامية والسريانية والقبطية والفارسية، فقد كان العرب يعيشون معهم قبل الإسلام، وأسس المناذرة و الغساسنة ممالك لهم فى العراق والشام ولكن لم يتحدث أهل هذه البلاد العربية إلا بعد انتشار الإسلام، فلقد إختار الله من بين كل اللغات والألسنة اللغة العربية لتكون الوعاء الأمين الذى يحمل الحقيقة الإلهية الكونية القرآنية إلى الإنسانية كلها، ولابد أن ذلك تم لحكمة تتصل بطبيعة الرباط الوثيق بين الحقيقة القرآنية و الحقيقة اللغوية العربية، ومدى تقبل لغة العرب لحقائق القرآن وإعجازه.


الصفحة التالية
Icon