ألف، ب، ت، ث؟ فجاء بعضها مقطعا مؤلفاً ليدل القوم الذي نزل القرآن بلغتهم أنه بالحروف التي يعرفه عصا، فيكون ذلك تقريعا لهم، ودلالة على عجزهم أن يأتوا بمثله، بعد أن علموا أنه منزل بالحروف التي يعرفه عصا، ويبنون كلامهم عليها. وفي المحتسب لابن جني أن ابن عباس قرأ حم سق، بلا عين ويقول: ألسي كل فرقة تكون، والقاف كل ساعة تكون. قال ابن جني: وفي هذه القراءة دليل على أن الفواتح فواصل بين السور، ولو كانت أسماء دنه لم يخر تحريف شيء منها.
وقال الكرماني في غرائبه: في قوله: وآلم: أحسيمت الناس !؟ أ العنكبوت: ا
و ٢، الاستفهام هنا يدل على انقطاع الحروف عما بعدها في هذه السورة وفي غيرها.
فإن قلت: هل للمحكوم على التشابه مزية أم لا؟ فإن قلتم بالثاني فهو خلاف الشجاع، أو بالأول فقد نقضتم أصلكم في أن جيش كلامه سبحانه سواء، وأنه منزل بالحكومة.
وأجاب أبو عبد الله البكزاتاذي بأن المحكم كالتشابه من وجه، ويخالفه من وجه؟ فيتفقان في أن الاستدلال بهما لا يمثلن إلا بعد معرفة حكمة الواضع، وأنه لا يختار القبيح. ويختلفان في أن الحكم بوضع اللغة لا يحتمل إلا الوجه الواحد، فمن سمعه أمكلنه أن يستدل به في الحال. والتشابه محتاج إلى فكرة ونظر، ليحمله على الوجه الطابق، ولأن المحكم أصل، والعم بالأصل أسبق، ولأن الحكم نعم مفصلاً والتشابه لا يعم إلا جملاً
فإن قلت: وقد أراد الحق البيان والهدى لعباده، وأمر بذلك رسوله في قوله: لئتتن للناس ما نزل إليهم.
والجواب أن له فوائد:
أحدها الحث للعلماء على النظر فيه الوجه للعم بغوامضلا والبحث عن دقائقه، فإن استدعاء الهمم لعرفة ذلك من أعظم العرب إن كان مما يمثلن علمه.


الصفحة التالية
Icon