وهذا معنى حسن يظهر فيه ارتباط سورة البقرة بالفاتحة.
ومن لطائف سورة الكوثر أنها كالمقابلة التي قبلها؟ لأن السابقة وصف الله النافق فيها بأربعة أمور: البخل، وترك الصلاة، والرياء فيها، ومنع الزكاة؟ فذكر فيها في مقابلة البخل: إنا أعطيناك الكوثر؟ أي أفي الكثير. وفي مقابلة ترك الصلاة فصل؟ أي فذئم عليها. وفي مقابلة الرياء لربك أي لرضاه لا للناس. وفي مقابلة منع الطعون واءخر، وأراد به التصدق بلحم الأضاحي.
وقال بعضهم: لكتيب وضع السور في الصحف أسباب ئطيغ على أنه توقيفي صادر عن حكيم:
أحدها: بحسب الحروف، كما في الخواتيم.
الثاني: موافقة أول السورة لآخر ما قبلها، كآخر الحمد في المعنى وأول البقرة.
الثالث: للوزان في اللفظ، كآخر " تحت " وأول " ا لإخلاص ".
الرابع: مشابهة جلة السورة لجملة أخرى كالضحى و " ألم نشرح لما.
قال بعض الأئمة: وسورة الفاتحة تضمنت الإقرار بالربوبية والالتجاء إليه في دين الإسلام، والصيانة عن دين اليهودية والنصرانية. وسورة البقرة تضمنت قواعد الدين. وآل عمران تكلملة القيود، فالبقرة بمنزلة إقامة الدين على الحكام، وآل عمران بمنزلة الجواب عن شبهات الخصوم؟ ولهذا ورد فيه ذكر المتشابه لا تمسك به النصارى. وأوجب الحج في آل عمران. وأما في البقرة فذكر أنه مشروع وأمر بإتمامه بعد الشروع فيه، وكان خطاب النصارى في آل عمران أكد، لا أن خطاب اليهود في البقرة أكل؟ لأن التوراة أصل والإنجيل فرع لها، والنيء! لا هاجر إلى المدينة دعا اليهود وجاهدهم، وكان جيهاده للنصارى في آخر الأمر؟ ما كان دعاؤه لأهل الشرك قبل أهل الكتاب؟ ولهذا كانت السور الكلية فيها الدين الذي اتفق عليه الأنبياء، فخوطب به جيش الناس، والسور المدنية فيها خطاب من أقر بالأنبياء من أهل الكتاب والآمنين، فخوطبوا بأهل الكتاب، يا بني إن ضئيل، يا أيها الذين آمنوا.
٥٣


الصفحة التالية
Icon