ومركب عطف على مفرد وهو الثاني من قسمي المجاز وهو اللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الأصلي تشبيه تمثيل فإن كان وجهه منتزعا من متعدد مبالغة كقولك للمتردد في أمر أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى تشبيها لصورة تردده في ذلك الأمر بصورة تردد من قام يذهب فتارة يريد الذهاب فيقدم رجلا وتارة لا يريد فيؤخر أخرى فاستعمل في الصورة الأولى الكلام الدال على الثانية ووجه الشبه هو الإقدام تارة والإحجام أخرى وهو منتزع من عدة أمور
الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته أي ذلك المعنى معه أي لازمه كلفظ طويل النجاد المراد به طول القامة ويجوز أن يراد به حقيقة طول النجاد أي حمائل السيف أيضا وبه يفارق المجاز فإنه لا يجوز فيه إفادة المعنى الحقيقي للقرينة المانعة عن إرادته ويطلب بها إما صفة فإن كان الانتقال من الكناية إلى المطلوب بواسطة فبعيدة كقولهم كثير الرماد كناية عن المضاف فإنه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب ومنها إلى كثرة الطبائخ ومنها إلى كثرة الأكلة ومنها إلى كثرة الضيفان ومنها إلى المقصود
وإلا بأن كان الانتقال بلا واسطة فهي قريبة كطويل النجاد كناية عن طول القامة أو يطلب بها نسبة أي إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه كقوله
إن السماحة والمروءة والندى
في قبة ضربت على ابن الحشرج
أراد إثبات اختصاصه بهذه الصفات ولم يصرح بها بقوله هو مختص بها أو نحوه بل كنى بأن جعلها في قبة مضروبة عليه لأنه إذا أثبت الأمر في مكان الرجل فقد أثبت له أو لا يطلب بها لا صفة ولا نسبة بل الموصوف كقولنا كناية عن الإنسان حي مستوى القامة عريض الأظفار وتتفاوت إلى تعريض وهو ما سبق من الكناية لأجل موصوف غير مذكور كقولك في عرض من يؤذي المسلمين المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده


الصفحة التالية
Icon