وأما أن يكون الرد لطعن في الراوي فإن كان لكذب في الحديث بأن يروى عن النبي ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ ما لم يقله متعمدا لذلك فموضوع وهو شر المردود ويعرف باقرار الراوي بوضعه وبقرائن يدركها من له في الحديث ملكة قوية واطلاع تام منها أن يكون مناقضا لنص القرآن أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي أو صريح العقل حيث لا يقبل شيء من ذلك التأويل ومنها ما يؤخذ من حال الراوي كما وقع لغياث بن ابراهيم حين دخل على المهدي فوجده يلعب بالحمام فساق في الحال إسنادا إلى النبي ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ أنه قال لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح فزاد في الحديث أو جناح فعرف المهدي أنه كذب لأجله فأمر بذبح الحمام ثم تارة يخترع الواضع كلاما من عنده وتارة يأخذ كلام غيره كبعض السلف أو قدماء الحكماء أو الإسرائيليات أو يأخذ حديثا ضعيف الإسناد فيركب له إسنادا صحيحا ليروج والحامل على ذلك إما عدم الدين كالزنادقة أو غلبة الجهل كبعض المتعبدين الذين وضعوا أحاديث فضائل القرآن أو فرط العصبية كبعض المقلدين أو اتباع هوى بعض الرؤساء أو الأغراب لقصد الاشتهار
وأجمع من يعتد به على تحريم ذلك كله بل كفر الجويني من تعمد الكذب على النبي ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ وعلى تحريم رواية الموضوع إلا مقرونا ببيان حاله
لحديث مسلم