وأقيمت هذه السورة على ثلاث دعائم: الأولى: إثبات أنَّ القرآنَ منزلٌ من عند الله، والتنويهُ بالرسولِ المُنَزَّلِ عليه " ودلائلُ صِدْقه، ورِفْعَةُ شأنه عن أن تكونَ له حظوظُ الدنيا، وأنه على طريقة غيرِه من الرسل، ومن ذلك تلقى قومُه دعوتَه بالتكذيب.
الدعامة الثانية: إثباتُ البعثِ والجزاء، والإنذارُ بالجزاء في الآخرة، والتبشيرُ بالثوابِ فيها للصالحين، وإنذارُ المشركين بسوءِ حظهم يومئذ، وتكونُ لهم الندامةُ على تكذيبهم الرسولَ، وعلى إشراكهم، واتباعِ أئمة كفرهم.
الدعامة الثالثة: الاستدلالُ على وحدانية الله، وتفردُه بالخلق، وتنزيهُه عن أن يكون له ولدٌ أو شريكٌ، وإبطالُ إلهيةِ الأصنامِ، وإبطالُ ما زعموه من بُنُوَّةِ الملائكة لله _تعالى_.
وافتُتِحَتْ في آيات كلِّ دَعامةٍ من هذه الثلاث بجملة [تَبَارَكَ الَّذِي] الخ.
قال الطيبي: =مدارُ هذه السورة على كونه " مبعوثاً إلى الناس كافةً ينذرهم ما بين أيديهم وما خلفهم؛ ولهذا جَعل براعةَ استهلالِها [تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً]+
وذَكَرَ بدائعَ مِنْ صنعه _تعالى_ جمعاً بين الاستدلال والتذكير.
وأَعْقَبَ ذلك بتثبيت الرسول"على دعوته، ومقاومته الكافرين.
وضَرَبَ الأمثالَ للحالين ببعثة الرسل السابقين، وما لقوا من أقوامهم مثل قوم موسى وقوم نوح وعاد وثمود وأصحاب الرس وقوم لوط.
والتوكلُ على الله، والثناءُ على المؤمنين به، ومدحُ خصالِهم ومزايا أخلاقِهم، والإشارةُ إلى عذاب قريب يَحُلُّ بالمكذبين. ١٨/٣١٤_٣١٥
الأغراض التي اشتملت عليها: أولها التنويهُ بالقرآن، والتعريضُ بعجزهم عن معارضته، وتسليةُ النبي"على ما يلاقيه من إِعْراضِ قومه عن التوحيد الذي دعاهم إليه القرآن.
وفي ضِمْنِهِ تهديدُهم على تَعَرُّضهم لغضب الله _تعالى_ وضربُ المثل لهم بما حَلَّ بالأمم المكذبةِ رُسُلَها، والمُعْرِضَةِ عن آيات الله.