وأَحْسِبُ أنها نزلت إِثْرَ طلبِ المشركين أن يأتِيَهم الرسولُ بخوارقَ؛ فافتتحت بتسلية النبي"وتثبيتٍ له، ورباطةٍ لجأشه بأن ما يلاقيه من قومه هو سنةُ الرسل من قبله مع أقوامهم مثل موسى وإبراهيم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب؛ ولذلك خَتَم كلَّ استدلال جيء به على المشركين المكذبين بتذييل واحد هو قوله: [إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ] تسجيلاً عليهم بأن آيات الوحدانية، وصدقَ الرسلِ عديدةٌ كافيةٌ لمن يتطلب الحق.
ولكن أكثرَ المشركين لا يؤمنون، وأن اللهَ عزيزٌ قادرٌ على أن يُنْزِلَ بهم العذاب، وأنه رحيم برسله؛ فَناصِرُهم على أعدائهم.
قال في الكشاف: =كلُّ قصةٍ من القصص المذكورة في هذه السورة كتنزيل برأسه.
وفيها من الاعتبار ما في غيرها؛ فكانت كلُّ واحدةٍ منها تُدْلي بحقٍّ في أن تختم بما اخْتُتِمت به صاحبتُها، ولأن في التكرير تقريراً للمعاني في الأنفس، وكلما زاد ترديدُه كان أمكنَ له في القلب، وأرسخَ في الفهم، وأبعدَ من النسيان، ولأن هذه القصصَ طُرِقَتْ بها آذانٌ وَقَرَتْ عن الإنصات للحق؛ فَكُوثرت بالوعظ والتذكير، وروجعت بالترديد والتكرير؛ لعل ذلك يفتح أذناً، أو يفتق ذهناً+ ا هـ.
ثم التنويهُ بالقرآن، وشهادةُ أهل الكتاب له، والردُّ على مطاعنهم في القرآن وجعلِه عضين، وأنه منزهٌ عن أن يكون شعراً ومن أقوال الشياطين، وأمر الرسول"بإنذار عشيرته، وأن الرسول ما عليه إلا البلاغ، وما تخلل ذلك من دلائل. ١٩/٩٠_٩١
أول أغراض هذه السورة افتتاحُها بما يشير إلى إعجاز القرآن ببلاغة نظمه، وعلوِّ معانيه بما يشير إليه الحرفانِ المقطعان في أولها.
والتنويهُ بشأنِ القرآن، وأنه هدىً لمن ييسر اللهُ الاهتداءَ به دون مَنْ جحدوا أنه من عند الله.
والتحدي بعلم ما فيه من أخبار الأنبياء.