والاعتبارُ بِمُلْكِ أعظمِ مُلْكٍ أوتيه نبيٌّ، وهو مُلْكُ داودَ، وملكُ سليمانَ _عليهما السلام_ وما بلغه مِنَ العلمِ بأحوال الطير، وما بلغ إليه ملكُه مِنْ عظمةِ الحضارة.
وأشهرُ أمةٍ في العرب أوتيت قوة، وهي أمةُ ثمودَ، والإشارةُ إلى مُلْكٍ عظيم من العرب وهو ملكُ سبأ.
وفي ذلك إيماء إلى أن نبوة محمد"رسالة تقارنها سياسةُ الأمةِ، ثم يعقبها ملكُ، وهو خلافَةُ النبيِّ".
وأن الشريعةَ المحمديةَ سيقامُ بها مُلْكٌ للأمة عتيدٌ كما أقيم لبني إسرائيل ملك سليمان.
ومحاجةُ المشركين في بطلان دينهم، وتزييفُ آلهتِهِمْ، وإبطالُ أخبارِ كهانهم وعرافيهم وسدنةِ آلهتهم، وإثباتُ البعثِ وما يتقدمه من أهوال القيامة وأشراطِها.
وأن القرآنَ مهيمنٌ على الكتب السابقة، ثم موادعةُ المشركين، وإنباؤهم بأن شأنَ الرسولِ الاستمرارُ على إبلاغ القرآنِ، وإنذارِهم بأن آياتِ الصدق سيشاهدونها، والله مطلعٌ على أعمالهم. ١٩/٢١٥_٢١٦
اشتملت هذه السورة على التنويهِ بشأنِ القرآنِ، والتعريضِ بأن بلغاءَ المشركين عاجزون عن الإتيان بسورةٍ مثلِهِ، وعلى تفصيل ما أُجْمِلَ في سورة الشعراء من قول فرعون لموسى: [أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً] إلى قوله: [وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ] فَفَصَّلت سورةُ القصصِ كيف كانت تربيةُ موسى في آل فرعون.
وبُيِّن فيها سببُ زوالِ مُلْكِ فرعونَ.
وفيها تفصيلُ مَا أُجْمِلَ في سورة النمل من قوله:[إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً] فَفَصَّلت سورةُ القصصِ كيف سارَ موسى وأهلُه، وأين آنس النارَ، وَوَصْفَ المكان الذي نودي فيه بالوحي إلى أن ذَكَرَتْ دعوةَ موسى فرعونَ؛ فكانت هذه السورةُ أَوْعَبَ لأحوال نشأةِ موسى إلى وقت إبلاغه الدعوةَ، ثم أَجْمَلَتْ ما بعد ذلك؛ لأن تفصيلَه في سورة الأعراف وفي سورة الشعراء.
والمقصودُ من التفصيل ما يتضمنه مِنْ زيادةِ المواعظِ والعبر.