الأغراض التي اشتملت عليها هذه السورةُ تتصل بسبب نزولها الذي تقدم ذِكْرُه أن المشركين سألوا عن قصة لقمان وابنه، وإذا جمعنا بين هذا وبين ما سيأتي عند قوله _تعالى_: [وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ] من أن المراد به النَّضْر بن الحارث؛ إذ كان يسافر إلى بلاد الفرس، فيقتني كتب اسْفَنْدِيار ورُسْتُمْ وبَهْرَام، وكان يقرؤها على قريش ويقول: يخبركم محمد عن عاد وثمود، وأحدثكم أنا عن رستم واسفنديار وبهرام؛ فَصُدِّرت هذه السورة بالتنويه بهدي القرآن؛ ليعلم الناس أنه لا يشتمل إلا على ما فيه هدىً وإرشادٌ للخير ومُثُلُ الكمال النفساني؛ فلا التفاتَ فيه إلى أخبارِ الجبابرة وأهل الضلال إلا في مقام التحذير مما هم فيه ومن عواقبه؛ فكان صَدْرُ هذه السورة تمهيداً لقصة لقمان.
وقد تقدم الإلماع إلى هذا في قوله _تعالى_ في أول سورة يوسف [نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ]، ونَبَّهْتُ عليه في المقدمة السابعة بهذا التفسير.
وانتقل من ذلك إلى تسفيه النَّضر بنِ الحارث وقِصصِهِ الباطلة.
وابتُدئَ ذكرُ لقمانَ بالتنويه بأن آتاه اللهُ الحكمةَ، وأمره بشكر النعمة، وأطيل الكلام في وصايا لقمانَ وما اشتملت عليه: من التحذير من الإشراك، ومن الأمر ببر الوالدين، ومن مراقبةِ الله؛ لأنه عليمٌ بخفيات الأمور، وإقامة الصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبرِ، والتحذيرِ من الكبرِ والعجبِ، والأمرِ بالاتسام بسمات المتواضعين في المشي والكلام.
وسلكت السورةُ أفانينَ ذاتَ مناسباتٍ لما تضمنته وصية لقمان لابنه، وأُدْمج في ذلك تذكير المشركين بدلائل وحدانية الله _تعالى_ وبنعمه عليهم، وكيف أعرضوا عن هديه، وتمسكوا بما أَلْفَوا عليه آباءهم.
وذَكَرَتْ مزيةَ دين الإسلام، وتسليةَ الرسول " بتمسك المسلمين بالعروة الوثقى، وأنه لا يُحْزِنُه كُفْرُ مَنْ كفروا.