ثم موضوعُ البعث، وعن مقاتل: =أن سببَ نزولها أن أبا سفيانَ لما سمع قوله _تعالى_: [لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ] الآية الأخيرة من سورة الأحزاب _ قال لأصحابه: كأن محمداً يتوعدنا بالعذاب بعد أن نموت، واللاتِ والعزى لا تأتينا الساعة أبداً، فأنزل الله _تعالى_ [وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ]+ الآية.
وعليه فما قبل الآية المذكورة من قوله: [الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ] إلى قوله: [وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ] تمهيدٌ للمقصود من قوله: [وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة].
واثباتُ إحاطةِ عِلْمِ اللهِ بما في السماوات وما في الأرض؛ فما يخبر به فهو واقع ومن ذلك إثبات البعث والجزاء.
وإثباتُ صدقِ النبيِّ"فيما أخبر به، وصِدْقُ ما جاء به القرآنُ، وأن القرآنَ شَهِدَتْ به علماءُ أهلِ الكتاب.
وتخلل ذلك بضروب مِنْ تهديدِ المشركين وموعظتهم بما حل ببعض الأمم المشركين مِنْ قَبْل.
وعَرَّضَ بأن جَعْلَهم لله شركاءَ كفرانٌ لنعمةِ الخالق؛ فَضَرَبَ لهم المثلَ بمن شكروا نعمةَ اللهِ واتقوه؛ فَأُوتوا خيرَ الدنيا والآخرة، وسُخِّرَتْ لهم الخيراتُ مِثْلِ داودَ وسليمانَ، وبمن كفروا بالله؛ فسلَّط عليه الأرزاءَ في الدنيا وأَعَدَّ لهم العذاب في الآخرة مثلِ سبأ، وحذِّروا من الشيطان، وذُكِّروا بأن ما هم فيه من قرة العين يقربهم إلى الله، وأنذروا بما سيلقون يوم الجزاء مِنْ خِزْيٍ، وتكذيبٍ، وندامةٍ، وعدم النصيرِ، وخلود في العذاب، وبُشِّر المؤمنون بالنعيم المقيم. ٢٢/١٣٤_١٣٥
أغراض هذه السورة: اشتملت هذه السورةُ على إثباتِ تَفَرُّدِ الله _تعالى_ بالإلهية؛ فافْتُتِحَتْ بما يدل على أنه مستحقُ الحمدِ على ما أبدع من الكائناتِ الدالِّ إبداعُها على تفرده _تعالى_ بالإلهية.