وَضْربُ المثلِ لفريقي المتبعين والمعرضين من أهل القرى بما سبق من حال أهل القرية الذين شابه تكذيبُهم الرسلِ تكذيبَ قريشٍ.
وكيف كان جزاءُ المعرضين من أهلها في الدنيا، وجزاءُ المتبعين في درجات الآخرة.
ثم ضَرَبَ المثلَ بالأعم وهم القرون الذين كذبوا فأُهلكوا، والرثاءُ لحال الناس في إضاعة أسباب الفوز كيف يسرعون إلى تكذيب الرسل.
وتخلَّص إلى الاستدلال على تقريبِ البعثِ، وإثباتِه بالاستقلال تارة، وبالاستطراد أخرى، مُدْمِجاً في آياته الامتنانَ بالنعمة التي تتضمنها تلك الآيات، ورامزاً إلى دلالة تلك الآيات والنعم على تفرد خالقها ومنعمها بالوحدانية؛ إيقاظاً لهم.
ثم تذكيرُهم بأعظمِ حادثةٍ حدثت على المكذبين للرسل والمتمسكين بالأصنام من الذين أرسل إليهم نوح نذيراً؛ فهلك مَنْ كذَّب، ونجا مَنْ آمن.
ثم سيقت دلائلُ التوحيدِ المشوبةُ بالامتنانِ للتذكيرِ بواجبِ الشكر على النعم بالتقوى والإحسان وتَرقُّبِ الجزاء.
والإقلاعُ عن الشرك، والاستهزاءُ بالرسول، واستعجالُ وعيدِ العذاب.
وحُذِّروا من حلوله بغتةً حين يفوت التدارك.
وذُكِّروا بما عَهِدَ اللهُ إليهم مما أودعه في الفطرة من الفطنة.
والاستدلالُ على عداوة الشيطان للإنسان.
واتباعُ دعاةِ الخير.
ثم رَدَّ العَجُزَ على الصدر؛ فعاد إلى تنزيه القرآن عن أن يكون مفترىً صادراً من شاعرٍ بتخيلات الشعراء.
وسلَّى اللهُ رسولَه"أن لا يُحْزِنَه قولُهم وأن له بالله أسوةً؛ إذ خلقهم، فعطلوا قُدْرَتَهُ عن إيجادهم مرة ثانية، ولكنهم راجعون إليه.
فقامت السورة على تقرير أمهات أصول الدين على أبلغ وجهٍ وأَتَمِّهِ من إثباتِ الرسالةِ، ومعجزةِ القرآن، وما يعتبر في صفات الأنبياء، وإثباتِ القدر، وعلمِ الله، والحَشرِ، والتوحيدِ، وشكرِ المنعم.
وهذه أصولُ الطاعةِ بالاعتقاد والعمل، ومنها تتفرع الشريعةُ.


الصفحة التالية
Icon