وإثباتُ الجزاء على الخير والشر مع إدماج الأدلةِ من الآفاق والأنفسِ بتَفَنُّنٍ عجيب؛ فكانت هذه السورة جديرة بأن تسمى (قَلْب القرآن) لأن من تقاسيمها تتشعب شرايينُ القرآن كلِّه، وإلى وَتِيْنِها يَنْصَبُّ مجراها.
قال الغزالي: إن ذلك لأن الإيمانَ صحتُه باعتراف بالحشر، والحشرُ مقررٌ في هذه السورة بأبلغ وجه، كما سميت الفاتحة أم القرآن؛ إذ كانت جامعة لأصول التدبر في أفانيه كما تكون أم الرأس مِلاكُ التدبرِ في أمور الجسد+. ٢٢/٣٤٢_٣٤٤
أغراضها: إثباتُ وحدانيةِ الله _تعالى_ وسوقُ دلائلَ كثيرةٍ على ذلك دلت على انفراده بصنع المخلوقات العظيمة التي لا قَبِلَ لغيره بصنعها وهي العوالمُ السماويةُ بأجزائها وسكنها، ولا قَبِلَ لمن على الأرض أنْ يتطرقَ في ذلك.
وإثباتُ أن البعثَ يُعْقبه الحشرُ والجزاء.
ووصفُ حالِ المشركين يوم الجزاء، ووقوعُ بعضِهم في بعض.
ووصفُ حُسْنِ أحوال المؤمنين ونعيمهم.
ومذاكرتُهم فيما كان يجري بينهم وبين بعض المشركين من أصحابهم في الجاهلية، ومحاولتُهم صرفَهم عن الإسلام.
ثم انْتُقِل إلى تنظير دعوةِ محمدٍ"قوَمهُ بدعوةِ الرسل مِنْ قَبْلِه، وكيف نَصَرَ اللهُ رسلَه، ورَفَع شأنَهم، وبارك عليهم.
وأُدمج في خلال ذلك شيءٌ من مناقبهم، وفضائلهم، وقُوَّتِهم في دين الله وما نجاهم الله من الكروب التي حفَّت بهم، وخاصةً منقبةُ الذبيحِ، والإشارة إلى أنه إسماعيلُ.
وَوَصْفُ ما حلَّ بالأمم الذين كذبوهم.
ثم الإنحاءُ على المشركين فسادَ معتقداتِهم في الله، ونِسْبتَهم إليه الشركاء.
وقولهم: الملائكةٌ بناتُ اللهِ، وتكذيبُ الملائكة إياهم على رؤوس الأشهاد.
وقولهم في النبي" والقرآن، وكيف كانوا يودون أن يكون لهم كتاب.
ثم وَعْدُ اللهِ رسولَه بالنصر كدأْب المرسلين ودأْب المؤمنين السابقين، وأن عذابَ اللهِ نازلٌ بالمشركين، وتَخْلُصُ العاقبةُ الحسنى للمؤمنين.


الصفحة التالية
Icon