وكانت فاتحتُها مناسبةً لأغراضها بأن القَسَمَ بالملائكة مناسبٌ لإثبات الوحدانية؛ لأن الأصنامَ لم يدَّعوا لها ملائكةً، والذي تخدمه الملائكةُ هو الإلهُ الحق، ولأن الملائكةَ من جملة المخلوقاتِ الدالِّ خَلْقُها على عظم الخالق، ويُؤْذِنُ القسمُ بأنها أشرفُ المخلوقاتِ العلوية.
ثم إن الصفاتِ التي لوحظت في القسم بها مناسبةٌ للأغراض المذكورة بعدها، فـ[الصَّافَّاتِ] يناسب عَظَمَةَ ربِّها، و[الزَّاجِرَاتِ] يناسب قَذْفَ الشياطين عن السماوات، ويناسب تسييرَ الكواكبِ وحفظِها من أن يدرك بعضُها بعضاً، ويناسب زَجْرُها الناسَ في المحشر.
و[التَّالِيَاتِ ذِكْراً] يناسب أحوالَ الرسولِ، والرسل _ عليهم الصلاة والسلام _ وما أرسلوا به إلى أقوامهم.
هذا وفي الافتتاح بالقسم تشويقٌ إلى معرفة المُقْسَمِ عليه؛ لِيُقْبِلَ عليه السامعُ بشراشره.(١)
فقد استكملت فاتحةُ السورةِ أحسنَ وجوه البيان وأكملها. ٢٣/٨١_٨٣
أغراضها: أصلُها ما عَلِمتَ من حديث الترمذي في سبب نزولها، وما اتصل به من توبيخ المشركين على تكذيبهم الرسول"وتَكَبُّرِهم عن قبول ما أرسل به، وتهديدِهم بمثل ما حلَّ بالأمم المكذبة قبلهم، وأنهم إنما كذبوه لأنه جاء بتوحيد الله _تعالى_ ولأنه اخْتُصَّ بالرسالة من دونهم، وتسلية الرسول"عن تكذيبهم وأن يقتدي بالرسل من قبله داود وأيوب وغيرهم، وما جُوْزوا عن صبرهم، واستطرادِ الثناء على داود وسليمان وأيوب، وأَتْبَعَ ذكر أنبياء آخرين؛ لمناسبة سنذكرها.
وإثباتُ البعثِ؛ لحكمة جزاء العاملين بأعمالهم من خير وشر.
وجزاءُ المؤمنين المتقين، وضدُّه مِنْ جزاء الطاغين والذين أضلوهم، وقبَّحوا لهم الإسلامَ والمسلمين، ووصفُ أحوالِهم يوم القيامة.
وذكرُ أولِ غواية حصلت، وأصلِ كلِّ ضلالةٍ وهي غوايةُ الشيطان في قصة السجود لآدم.