وقد جاءت فاتحتُها مناسبةً لجميع أغراضها؛ إذ ابْتُدِئَتْ بالقسم بالقرآن الذي كذَّب به المشركون، وجاء المُقْسَمُ عليه أن الذين كفروا في عزة وشقاق، وكل ما ذكر فيها من أحوال المكذبين سَبَبُهُ اعتزازُهم وشقاقُهم، ومن أحوال المؤمنين سببه ضدُّ ذلك، مع ما في الافتتاح بالقسم من التشويق إلى ما بعده؛ فكانت فاتحتُها مستكملةً خصائصَ حُسْنِ الابتداء. ٢٣/٢٠٣
أغراضها: ابتُدِئَتْ هذه السورة بما هو كالمقدمة للمقصود، وذلك بالتنويه بشأن القرآن تنويهاً تكرر في ستة مواضع(١)من هذه السورة؛ لأن القرآن جامع لأغراضها.
وأغراضُها كثيرةٌ تحوم حولَ إثباتِ تفرد الله بالإلهية، وإبطالِ الشرك فيها.
وإبطالِ تَعَلُّلات المشركين لإشراكهم وأكاذيبهم.
ونفيِ ضَرْبٍ من ضروب الإشراك وهو زعمهم أن لله ولداً.
والاستدلالِ على وحدانية الله في الإلهية بدلائلِ تَفَرُّدِهِ بإيجاد العوالم العلوية والسفلية، وبتدبيرِ نظامها وما تحتوي عليه مما لا ينكر المشركون انفراده به.
والخلقِ العجيبِ في أطوار تكوُّنِ الإنسان والحيوان.
والاستدلالِ عليهم بدليل من فعلهم وهو التجاؤهم إلى الله عندما يصيبهم الضُّر.
والدعوةِ إلى التدبر فيما يُلْقى إليهم من القرآن الذي هو أحسن القول.
وتنبيههِم على كفرانِهم شُكْرَ النَّعْمَةِ.
والمقابلةِ بين حالهم وبين حال المؤمنين المخلصين لله.
وأن دينَ التوحيدِ هو الذي جاءت به الرسلُ مِنْ قَبْل.