وإذ قد كان أخصُّ الأصناف انتفاعاً بهديه هم المؤمنين بالغيب المقيمين الصلاة؛ يعني المسلمين _ ابتُدئ بذكرهم.
ولمَّا كان أشدَّ الأصناف عناداً وحقداً صِنْفا المشركين الصرحاء، والمنافقين _ لُفَّ الفريقان لَفَّاً واحداً؛ فَقُورعوا بالحجج الدامغة، والبراهين الساطعة.
ثم خصَّ بالإطناب صِنْفَ أهلِ النفاق؛ تشويهاً لنفاقهم، وإعلاناً لدخائلهم، ورد مطاعنهم.
ثم كان خاتمةُ ما قُرِعَتْ به أنوفُهم صريحَ التحدي الذي رمز إليه بدءاً تحدياً يلجئهم إلى الاستكانة، ويُخْرِسُ ألسنتَهم عن التطاول والإبانة، ويُلْقي في قرارات أنفسهم مذلةَ الهزيمة، وصدقَ الرسول الذي تحداهم؛ فكان ذلك من رد العجز على الصدر(١)
(١) _ رد العجز على الصدر هو أحد فنون البديع من علم البلاغة وهو جعل أحد اللفظين المكررين، أو المتجانسين، أو ملحقين بهما اشتقاقاً، أو شبه اشتقاق في أول الفقرة والآخر في صدرها.
فالمكرران نحو: [وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ] والمتجانسان نحو: [اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً].
فالمكرران نحو: [وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ] والمتجانسان نحو: [اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً].