وعرَّج على إبطال حججهم ومعاذيرهم، وسفَّه تخييلاتِهم وَتُرَّهاتهم.
وذكَّرهم بأحوال الأمم السابقين مع رسلهم، وأنذرهم بمثل عواقبهم، وحذَّرهم من الاغترار بإمهال الله وخص بالذكر رسالةَ إبراهيمَ وموسى وعيسى _عليهم السلام_.
وخصَّ إبراهيمَ بأنه جعل كلمةَ التوحيدِ باقيةً في جَمْعٍ مِنْ عَقِبِه، وتوعَّد المشركين، وأنذرهم بعذاب الآخرة بعد البعث الذي كان إنكارُهم وقُوعَهُ من مُغَذِّيات كُفْرِهم وإعراضهم؛ لاعتقادهم أنهم في مَأْمَنٍ بعد الموت.
وقد رُتِّبت هذه الأغراضُ وتفاريعُها على نَسْجٍ بديعٍ، وأسلوبٍ رائعٍ في التقديم والتأخير، والأصالة والاستطراد على حسب دواعي المناسباتِ التي اقتضتها البلاغةُ، وتجديدُ نشاط السامع لقبول ما يلقى إليه.
وتخلل في خلاله من الحجج والأمثال والمُثُل والقوارع والترغيب والترهيب شيء عجيب، مع دحْضِ شُبَهِ المعاندين بأفانينِ الإقناعِ بانحطاط مِلَّةِ كُفْرِهم وعَسْفِ مُعْوَجِّ سلوكهم.
وأُدْمِجَ في خلال ذلك ما في دلائل الوحدانية من النعم على الناس والإنذار والتبشير.
وقد جرت آياتُ هذه السورةِ على أسلوبِ نِسْبَةِ الكلامِ إلى الله _تعالى_ عدا ما قامت القرينة على الإسناد إلى غيره. ٢٥/١٥٨_١٥٩
أغراضها: أشبهَ افتتاحُ هذه السورةِ فاتحةَ سورةِ الزخرفِ من التنويه بشأن القرآنِ وشرفِهِ، وشرفِ وقتِ ابتداءِ نزولِه؛ ليكون ذلك مُؤْذِناً أنه من عند الله، ودالاً على رسالة محمد"ولِيُتَخَلَّصَ منه إلى أن المعرضين عن تدبر القرآن ألهاهم الاستهزاءُ واللمزُ عن التدبر؛ فَحَقَّ عليهم دعاءُ الرسول بعذاب الجوع؛ إيقاظاً لبصائرهم بالأدلة الحسية حين لم تنجع فيهم الدلائلُ العقلية؛ ليعلموا أن إجابة الله دعاء رسوله"دليل على أنه أرسله؛ لِيُبَلِّغَ عنه مرادَه.
فأنذرهم بعذاب يَحُلُّ بهم علاوةً على ما دعا به الرسول"تأييداً من الله له بما هو زائدٌ على مطلبه.