وضَرَبَ لهم مثلاً بأمم أمثالهم عصوا رُسُلَ اللهِ إليهم؛ فَحَلَّ بهم من العقاب ما من شأنه(١) أن يكون عظةً لهؤلاء؛ تفصيلاً بقوم فرعون مع موسى ومؤمني قومه، ودون التفصيل بقوم تُبَّعٍ، وإجمالاً وتعميماً بالذين مِنْ قبل هؤلاء.
وإذ كان إنكارُ البعثِ وإحالَتُه من أكبر الأسباب التي أغرتهم على إهمال التدبر في مراد الله _تعالى_ انْتَقَلَ الكلامُ إلى إثباته، والتعريف بما يعقبه من عقوبة المعاندين ومثوبة المؤمنين؛ ترهيباً وترغيباً.
وأُدْمِجَ فيها فضلُ الليلةِ التي أُنزل فيها القرآنُ، أي اْبتُدِئَ إنزالُه وهي ليلة القدر.
وأُدْمج في خلال ذلك ما جرت إليه المناسباتُ من دلائل الوحدانية، وتأييد الله من آمنوا بالرسل، ومن إثبات البعث.
وخُتِمَتْ بالشد على قلب الرسول"بانتظار النصر، وانتظار الكافرين القهر. ٢٥/٢٧٦
أغراضها: الابتداءُ بالتحدي بإعجازِ القرآنِ، وأنه جاء بالحق؛ توطئةً لما سيذكر بأنه حقُّ كما اقتضاه قوله: [تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ].
وإثباتُ انفرادِ الله _تعالى_ بالإلهية بدلائلِ ما في السماوات والأرض من آثار خَلْقِه وقدرتِه في جواهر الموجودات وأعراضها، وإدماجُ ما فيها مع ذلك مِنْ نِعَمِ يَحُقُّ على الناس شُكْرُها لا كفرُها.
ووعيدُ الذين كَذبوا على الله، والتزموا الآثامَ بالإصرار على الكفر والإعراض عن النظر في آيات القرآن، والاستهزاء بها.
والتنديدُ على المشركين؛ إذ اتخذوا آلهةً على حسب أهوائهم، وإذ جحدوا البعث، وتهديدُهم بالخسران يومَ البعثِ، ووصفُ أهوالِ ذلك، وما أُعِدَّ فيه من العذاب للمشركين ومن رحمة للمؤمنين.
ودعاءُ المسلمين للإعراض عن إساءة الكفار لهم، والوعدُ بأن اللهَ سيخزي المشركين.
ووصفُ بعضِ أحوالِ يومِ الجزاء.