وكُشِف عن شبهتهم في إحالة البعث باستبطائهم إياه، وجَعْلِهِمْ ذلك أمارةً على انتفائه؛ فلذلك يسألون الرسول"عن تعيين وقت الساعة سؤالَ تَعَنُّتٍ، وأن شأن الرسول أن يذكِّرهم بها، وليس شأنُه تعيينَ إبَّانها، وأنها يوشك أن تَحلَّ؛ فيعلمونها عياناً، وكأنهم مع طول الزمن لم يلبثوا إلا جزءاً من النهار. ٣٠/٥٩_٦٠
أغراضُها: تعليمُ رسول الله"الموازنة بين مراتب المصالح، ووجوب الاستقراء لِخَفِيَّاتها؛ كي لا يُفْيتَ الاهتمامُ بالمهمِّ منها في بادئ الرأي مُهمّاً آخرَ مساوياً في الأهمية أو أرجح؛ ولذلك يقول علماء أصول الفقه: إن على المجتهد أن يبحث عن معارضِ الدليل الذي لاح له.
والإشارةُ إلى اختلافِ الحالِ بين المشركين المعرضين عن هدي الإسلام وبين المسلمين المقبلين على تَتَبُّع مواقعه.
وقُرِنَ ذلك بالتذكير بإكرام المؤمنين، وسموَّ درجتهم عند الله _تعالى_.
والثناءِ على القرآن وتعليمه لمن رغب في علمه.
وانْتُقِل من ذلك إلى وصف شِدَةِ الكفر من صناديد قريش بمكابرة الدعوة التي شغلت النبي"عن الالتفاتِ إلى رغبة ابن أُمِّ مكتوم.
والاستدلالُ على إثبات البعث وهو مما كان يدعوهم إليه حين حضورِ ابنِ أُمِّ مكتوم، وذلك كان من أعظم ما عُني به القرآن من حيث إن إنكارَ البعثِ هو الأصلُ الأصيلُ في تصميم المشركين على وجوب الإعراضِ عن دعوة القرآن؛ توهماً منهم بأنه يدعو إلى المحال؛ فاسْتَدَلَّ عليهم بالخَلْقِ الذي خلقه الإنسان، واستدل بعده بإخراج النبات والأشجار من أرض ميتة.
وأُعْقِبَ الاستدلالُ بالإنذار بحلول الساعة، والتحذيرِ من أهوالها، وبما يعقبها من ثواب المتقين وعقاب الجاحدين.
والتذكيرُ بنعمة الله على المنكرين عسى أن يشكروه.