أغراضها: فَغَرَضُ هذه السورةِ وعيدُ جماعةٍ من المشركين جعلوا هَمْزَ المسلمين ولَمْزَهُمْ ضرباً من ضروب أذاهم؛ طمعاً في أن يلجئهم المللُ من أصناف الأذى إلى الانصراف عن الإسلام، والرجوع إلى الشرك. ٣٠/٥٣٥_٥٣٦
أغراضها: وقد تضمنت التذكيرَ بأن الكعبةَ حرمُ الله، وأن اللهَ حَمَاه ممن أرادوا به سوءاً أو أظهر غَضَبَهُ عليهم، فعذبهم؛ لأنهم ظلموا بطمعهم في هدم مسجد إبراهيمَ، وهو عندهم في كتابهم، وذلك ما سماه الله كيداً، وليكون ما حل بهم تذكرةً لقريش بأن فاعلَ ذلك هو ربُّ ذلك البيتِ، وأنْ لا حظَّ فيه للأصنام التي نصبوها حوله.
وتنبيهَ قريشٍ، أو تذكيرَهُمْ بما ظهر من كرامةِ النبي"عند الله؛ إذ أهلك أصحاب الفيل في عام ولادته.
ومن وراء ذلك تثبيتُ النبي"بأن اللهَ يَدْفَعُ عنه كيدَ المشركين، فإن الذي دَفَعَ كيدَ مَنْ يكيد لبيته لأَحَقُّ بأن يدفع كيدَ مَنْ يكيد لرسوله"ودينه، ويشعر بهذا قوله [أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ].
ومن وراء ذلك كلِّه التذكيرُ بأن اللهَ غالبٌ على أمره، وأن لا تغرَّ المشركين قُوَّتُهم، وَوَفْرَةُ عددهم، ولا يوهنَ النبي"تَأَلُّبَ قبائِلهم عليه؛ فقد أهلك الله من هو أشدُّ منهم قوةً وأكثرُ جمعاً.
ولم يتكرر في القرآن ذِكْر إهلاكِ أصحاب الفيل خلافاً لقصص غيرهم من الأمم لوجهين: أحدهما: أن إهلاك أصحاب الفيل لم يكن لأجل تكذيب رسولٍ من الله.
وثانيهما: أن لا يَتَّخِذَ منه المشركون غروراً بمكانةٍ لهم عند الله كغرورهم بقولهم المحكي في قوله _تعالى_: [أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ] الآيةَ، وقوله: [وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ]. ٣٠/٥٤٣_٥٤٤