فمن وجب له القصاص في عبدٍ أو حرٍّ لم يكن له أن يصرفه إلى عقل، ومن
وجب له عقل فليس له أن يصرفه إلى قَوَدٍ، في حرٍّ ولا مملوك، فمن فرّق بين
المملوك في هذا وبين الحر، فليأت عليه بالبرهان من كتاب اللَّه - عز وجل - الناطق، ومن السنة المعروفة...
قال الشَّافِعِي رحمه الله: والكتاب يدلّ على هذا، وذلك أنَّ اللَّه - عز وجل - حين ذكر القصاص جملة قال: (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ)
إلى: (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) الآية.
وقد احتج بهذا محمد بن الحسن رحمه اللَّه تعالى على أصحابنا.
وهو حجة عليه، وذلك أنَّه يقال له: إن كان العبد ممن دخل في هذه الآية، فلم يفرق الله بين القصاص في الجروح والنفس، وإن كان غير داخل في هذه الآية، فاجعل العبدين بمنزلة البعيرين لا يُقَصُّ أحدهما من الآخر.
الأم (أيضاً) : باب (القود بين الرجال والنساء) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإن زعم - يعني: محمد بن الحسن - أنَّ القصاص
في النفس ليس من معنى العقل بسبيل، فكذلك ينبغي له أن يقول في الجراح.
لأنّ الله تبارك وتعالى ذكرها ذكراً واحداً، فلم يفرق بينهما في هذا الموضع الذي حكم بها فيه، فقال جلَّ ثناؤه:
(النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) إلى: (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ)
فلم يوجب في النفس شيئاً من القود إلا أوجب فيما سمّى مثله.
الأم (أيضاً) : باب (القصاص في كسر اليد والرجل) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: معقول في كتاب اللَّه - عز وجل - في القصاص إذ قال جل وعلا: (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) الآية، إنما هو: إفاتة شيء بشيء، فهذا سواء.