النوع الأول: هداية الدلالة والإرشاد والبيان، وضده الضلال.
النوع الثاني: هداية التوفيق والإلهام والتثبيت وضدها الغي.
فمن النوع «الأول» قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾، وقوله تعالى: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.
وأما النوع «الثاني»: فكقوله: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾؛ فهذه هي هداية التوفيق والإلهام.
فمثلاً: عمر - رضي الله عنه - هداه الله الهدايتين، وأبو جهل هداه الأولى وأعرض عن الثانية.
فقوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ بمعنى الهدايتين أي دلنا وأرشدنا وثبتنا، ووفقنا وارزقنا وأعطنا، وهذا معنى ألهمنا، وهذا دعاء من المؤمنين مع كونهم على الهداية فهو أيضًا طلب مزيد من الهداية وتثبيت عليها؛ لأنَّ مذهب أهل السنة والجماعة أنَّ الإيمان يزيد وينقص.
﴿الصِّرَاطَ﴾: أصله في اللغة الطريق الواضح.
وفي الشرع: قال ابن عباس وجابر رضي الله عنهما، الإسلام، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - : هو القرآن. وقال بكر بن عبد الله المزني: طريق رسول الله - ﷺ -.
فإن قال قائل: ما هو الأرجح في هذه المسألة؟
فالجواب: أنَّ كل ذلك حق؛ فالصراط هو الإسلام والقرآن والرسول؛ لأن من اتبع الإسلام اتبع القرآن والرسول، ومن اتبع القرآن اتبع الإسلام والرسول، ومن اتبع الرسول اتبع الإسلام والقرآن؛ فمن استقام وثبت على الصراط المستقيم (المعنوي) في الدنيا فإنه يثبت ويستقيم على الصراط (الحسي) في الآخرة.
﴿الْمُسْتَقِيمَ﴾: الذي لا عوج فيه ولا انحراف، والمراد أنه استقام على الحق وإلى غاية الفلاح ودخول الجنة.
قوله: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾: مفسر للصراط المستقيم، وهو بدل منه عند النحاة، ويجوز أن يكون عطف بيان، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon