وفي قوله تعالى: ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ دليل على أنَّ الهداية إلى الصراط المستقيم نعمة من الله وفضل ومَنٌّ؛ يمنُّ بها على من يشاء من عباده؛ فلا يعجب العبد بعمله وطاعته.
كما في قوله تعالى: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ﴾.
والذين أنعم الله عليهم هم المذكورون في سورة النساء؛ حيث قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾.
فعلى المسلم إذا قرأ هذا أن يستحضر هذا الدعاء بقلب حاضر موقن بالإجابة؛ حيث أخبر النبي - ﷺ - أن أمته ستفترق، وذلك فيما روى الإمام أحمد وأبو داود عن معاوية قال: قام فينا رسول الله - ﷺ - فقال: «إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملَّة – يعني الأهواء – كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة».
والأمة المذكورة في هذا الحديث هي أمة الإجابة.
وقوله: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾.
«المغضوب عليهم»: اليهود، و «الضالون»: النصارى؛ لحديث عدي بن حاتم الذي رواه أحمد وغيره عن النبي - ﷺ -، وفيه أن المغضوب عليه: اليهود، والضالون: النصارى. الحديث.
واليهود والنصارى وإن كانوا ضالين جميعًا مغضوبًا عليهم جميعًا، لكن إنما اختص الغضب باليهود، وإن شاركهم النصارى فيه؛ لأنهم يعرفون الحق وينكرونه، ويأتون الباطل عمدًا فكان الغضب أخص صفاتهم.