ومنها: أنَّ الفعل إذا حذف صحَّ الابتداء بالبسملة في كل عمل وقول وحركة، فكان الحذف أعم.
وباء بسم الله للمصاحبة (١)، وقيل: للاستعانة والتبرك فيكون التقدير: «أبتدئ حال كوني مستعينًا بذكره متبركًا به».
وأما ظهوره في: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا﴾؛ فلأنَّ المقام يقتضي ذلك.
وحذفت الألف من «بسم الله» في الخط اختصارًا وتخفيفًا؛ لكثرة الاستعمال، وأما إذا كتب: «باسم الرحمن وباسم القاهر».
فقال الكسائي والأخفش «تحذف الألف»، وقال يحيى بن زياد: لا تحذف إلاَّ مع بسم الله فقط لكثرة الاستعمال فيه.
«والاسم» عند البصريين مشتق من السمو. وقال الكوفيون: أصل اسم: «وسم» من السمة وهي العلامة؛ لأنَّ الاسم علامة لمن وضع له.
سورة الفاتحة
قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
الألف واللام، لاستغراق الجنس من المحامد؛ فـ ﴿الْحَمْدُ﴾ هو ذكر صفات المحمود، والثناء الكامل عليه؛ مع حبه وتعظيمه وإجلاله؛ فإن تجرد عن الحب فهو مدح.
فالفرق بينهما أنَّ الإخبار عن محاسن الغير، إما أن يكون إخبارًا مجردًا من حب، أو مقرونًا بحبه؛ فإن كان الأوَّل فهو مدح، وإن كان الثَّاني فهو الحمد.
فمثلاً: إذا أثنى إنسان على رجلٍٍ وقال: إنه رجل جميل كريم. وهو لا يحبه؛ فهذا لا يسمى حمدًا وإنما يسمى مدحًا.
فإن قال ذلك وهو يحبه، فهو يحمده.
وأما الفرق بين الحمد والشكر؛ فإن الحمد أعم من جهة أسبابه، والشكر أعم من جهة أنواعه؛ لأنَّ الحمد يتضمن المدح والثناء على المحمود بذكر محاسنه؛ سواء كان الإحسان إلى الحامد أو لم يكن؛ فمن هذا الوجه يكون الحمد أعم من الشكر، لأنه يكون على المحاسن والإحسان؛ فإنَّ الله تعالى يحمد على مَا لَهُ مِنَ الأسماء الحسنى، والمثل الأعلى، وما خلقه في الآخرة والأولى.

(١) وباء المصاحبة كقوله: «وجاءكم بالحق» أي جاء مصاحبًا للحق.


الصفحة التالية
Icon