قوله: ﴿لِلَّهِ﴾: اللام للاختصاص وللاستحقاق والملك، أي: المختص بالحمد الكامل المستحق له والمالك له هو «الله» جلَّ وعلا.
قوله تعالى: ﴿لِلَّهِ﴾: الله علم على الرب تبارك وتعالى ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين.
واختلف النَّاس في اشتقاق اسم «الله»؛ فقالت فرقة من أهل العلم: هو «اسم مرتجل» لا اشتقاق له من «فعل»، وإنما هو اسم موضوع له تبارك وتعالى، والألف واللام لازمة له؛ لا لتعريف ولا لغيره؛ بل هكذا وضع الاسم فتقول: «يالله» ولا تقول: «ياللرَّحمن»؛ فلولا أنه من أصل الكلمة لما جاز إدخال حرف النداء على الألف واللام.
وذهب كثير من أهل العلم إلى أنه مشتق من أله الرجل إذا عبد وتأله إذا تنسك، ومن ذلك قوله رؤبة:

لله در الغانيات المده (١) سبحن واسترجعن من تألهي
كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ﴾ مع قوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾ ومعناه ذو الألوهية التي لا تنبغي إلاَّ له.
فإن قال قائل: ما هو الأرجح في هذه المسألة.
الجواب: الأرجح والله أعلم أنه مشتق.
ومعنى أله يأله آلهة؛ أي عبد يعبد عبادة.
فالله سبحانه المألوه؛ أي: المعبود.
قال ابن القيم رحمه الله: الصحيح أنه مشتق، وأنَّ أصله الإله؛ كما قال سيبويه وجمهور أصحابه: إلاَّ من شذَّ، وهو الجامع لمعاني الأسماء الحسنى والصفات العلى.
والذين قالوا بالاشتقاق: إنما أرادوا أنه دال على صفة له تعالى؛ وهي إلهيته؛ كسائر أسمائه الحسنى؛ كالعليم والقدير والسميع.
فإنَّ هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب، وهي قديمة، ونحن لا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى؛ لا أنها متولدة منه تولد الفرع من أصله.
وتسمية النحاة للمصدر والمشتق منه أصلاً وفرعًا ليس معناه أنَّ أحدهما متولد من الآخر، وإنما هو باعتبار أنَّ أحدهما يتضمن الآخر وزيادة.
(١) المده التمدح والجمع المده.


الصفحة التالية
Icon