وأما معنى: «أخص في اللفظ» فمعناه أنه لا يسمى ولا يوصف بـ ﴿الرَّحْمَنِ﴾ إلا الله تعالى.
فإن قال قائل: إنه جاء عن بني حنيفة في مسيلمة: «رحمن اليمامة».
فالجواب: إنَّ هذا من تعنت الكفار في الكفر؛ فلا يستدل به.
وأما ﴿الرَّحِيمِ﴾: فإنه عام في اللفظ؛ أي يوصف به المخلوق، وأخص في المعنى؛ أي أنَّ الرَّحيم رحمة خاصة بالمؤمنين.
قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾: إضافة اسم الفاعل إلى الظرف اتساع وإجراء للظرف مجرى المفعول به، تقديره مالك يوم الدين الأحكام.
قال الضحاك: عن ابن عباس: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾: يقول: لا يملك أحد معه في ذلك اليوم حكمًا كملكهم في الدنيا.
﴿يَوْمِ الدِّينِ﴾: حكى أهل اللغة: دنته بفعله دَينا- بفتح الدال- ودِينا- بكسرها: جزيته. وقيل: الدَّين: المصدر. والدِّين- بكسر الدال: الاسم، وهو يوم الجزاء والحساب للخلائق؛ وهو يوم القيامة؛ يدينهم بأعمالهم؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، إلا من عفا عنه؛ قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾، وقال: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه؛ لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين، وذلك عامٌّ في الدنيا والآخرة، وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدَّعي أحد هنالك شيئًا لا يتكلم أحدٌ إلا بإذنه؛ كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾.
وقال تعالى: ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾، وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾.


الصفحة التالية
Icon