ج- وحصل بعد ذلك تطور مذهل عام ١٩٠٨م عندما أسس الشيخ الفاضل : الحاج كنهي أحمد ( جاليلاكات ) – الذي يعد رائد الثورة المدرسية الحديثة – مدرسة على النهج العلمي الحديث، حتى آلت إليه رئاسة هذه المدرسة فسماها (كلية دار العلوم العربية)، وكان تعليم القرآن الكريم وتفسيره وترجمة معانيه باللغة المحلية من أهم المواد التي اعتنى بها الشيخ في بداية الأمر حتى نظم الاختبارات للطلبة لأول مرة في تاريخ التعليم الإسلامي في مليبار. (١)
الفصل الثاني
نظرة عامة حول ترجمة معاني القرآن الكريم
المبحث الأول: الترجمة في المنظور الإسلامي
إن من المعلوم تاريخيّاً أن أصل ترجمة معاني القرآن الكريم إلى أيّة لغة أخرى كان معروفاً لدى السلف الصالح، ولم يثبت لدينا عن السلف
-رحمهم الله- شيء خلاف ذلك حسب ما وصل إليه علمنا؛ لأن الترجمة في الحقيقة تقوم مقام التفسير إن لم تكن الترجمة حرفيّة كما سيأتي بيانه.
وإنَّ تفسير القرآن الكريم وتأويله من رسول الله - ﷺ - ثم الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ومن بعدهم أكبر شاهد وأكبر برهان على جواز الترجمة؛ لأن معنى التفسير في الواقع: هو نقل المعنى المكنون في الكلام المعجز إلى الأساليب المفهومة الميسرة القريبة إلى الأذهان طبقا للضوابط المعروفة، وكان التفسير جائزاً ومعمولا به من عصر النبوة، والقرآن الكريم يبين الله فيه عالميّة دعوته في غير موضع قال تعالى: ﴿ قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ﴾ (الأعراف: ١٥٨).
وقال تعالى: ﴿ وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ﴾ ( الأنبياء: ١٠٧ ).
وقال جل شأنه: ﴿ وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾ (سبأ: ٢٨ ).
والإسلام قد انتشر في جميع أنحاء المعمورة حيث الجماهير الجديدة الذين لا يعرفون من اللغة العربية شيئاً.