ورغم هذه الاعتراضات أو الانتقادات ضد الترجمة فإنه لم يكن لها تأثير يذكر إلاّ بعد صدور الترجمات وظهورها إلى حيّز الوجود، بدليل أن بعض العلماء المانعين للترجمة قد قام بالترجمة وألف كتاباً يسوغ فيه موقفه، ويبرهن على صحة عمله كما سيأتي تفصيله (١).
وهناك من انتقد الترجمة من باب آخر وهو:
أن الترجمة فيها انتقاص لقداسة القرآن الكريم ومكانته وعظم شأنه؛ حيث يتناولها الجميع دون احترام وتبجيل، ولاسيما عند من يرى وجوب الطهارة لحمل القرآن الكريم، لذا حاول بعض المترجمين فيما بعد تجريد النص القرآني من الترجمة، إرضاء لمن يحمل هذا الرأي وتسهيلا لنشرها على غير المسلمين أيضا(٢) وهذا بحث يُثيره علماء الشافعية في مليبار بين فينة وأخرى، ولا أريد الخوض فيه؛ لأنه نقاش سبقت دراسته دراسة مستفيضة.
مخاوف من بعض أهل الحق
بينما سادت فكرة الترجمة في الأجواء العلمية بمليبار وعلا صوتها وتناولها الكتاب والمثقفون بين أخذ وردّ، أصبح لدى بعض المؤيدين تردد ومخاوف؛ وذلك أن باب الترجمة إذا فتح وأعُطي المجال كلّ من هب ودب وترك الحبل على الغارب أدى ذلك إلى الفوضى.
وقد حصلت ضجّة كبيرة في هذه النقطة الحساسة عندما صدرت أول ترجمة قاديانيّة في اللغة الإنجليزية، ثم ترجمت إلى معظم لغات العالم، وذلك لمحمد علي من أتباع المتنبي ميرزا غلام أحمد القادياني، وكان لهذه الفئة الضالة في أول أمرها حزب واحد فانقسموا بعد موت المتنبي ميرزا إلى حزبين.
أحدهما: القاديانية التي مركزها بلدة قاديان مسقط رأس المتنبيّ، وكان رئيسها ميرزا بشير الدين أحمد ابن المتنبي.

(١) راجع المبحث الثالث من الفصل الثالث من هذه الدراسة.
(٢) وممن أخرج الترجمة مجردة عن النص القرآني: الشيخ وي. يم. سليم، والشيخ: كنهي محمد، وسماها: محتوى القرآن، وطبعت سنة ١٩٩٨م في مجلد.


الصفحة التالية
Icon