فكان أول من قام بترجمة معاني القرآن الكريم وتجشّم هذه المهمّة الشاقّة في جوّ مليء بالمخاوف: الشيخ العلاّمة والشاعر المشهور في عصره: محيي الدين بن عبد القادر المعروف بـ: (( ماحين كوتي أليا ))، وسماها بـ ((ترجمة تفسير القرآن)) وهي تقع في ثلاثين جزءاً من ستة مجلدات.
وقد بدأ الشيخ ترجمته سنة ١٢٧٢هـ وانتهى في سنة ١٢٨٧هـ.
وكان الشيخ ماحين كوتي متمكّناً في شتى العلوم الدينيّة - كما كان دأب علمائنا القدامى – وفريداً في قدراته في الفقه والفتاوى.
ردّة فعل المعارضين فور صدور هذه الترجمة:
وقد حصلت ضجّة كبيرة في مليبار عندما ظهرت مخطوطة هذه الترجمة لأول مرّة؛ حيث بدأ المعارضون يشنّون حملاتهم الاستنكاريّة والعدوانيّة ضدّ هذا العمل الجليل الذي لم يسبق إليه أحد من أسلافه، حتى وصلت جرأتهم إلى رمي نسخة من هذه الترجمة الكبيرة في البحر(١).
والشيخ ماحين كتي من أسرة عريقة، ومتزوج من أسرة ثريّة ملكيّة مشهورة في كننور، علاوة على ذلك فهو عالم مشهور بلا منازع، كلّ ذلك ساعده على إخراج هذه الترجمة رغم استنكار المعارضين، ورغم صدور فتاوى من علمائهم ضد المترجم الأول، حتى إنّه تمكن من إنشاء مطبعة خاصّة سنة ١٢٨٦هـ قرب قصر زوجته بـ آراكال فطبع المجلد الأول سنة ١٢٨٩هـ واستمرت الطباعة حتى ١٢٩٤هـ حيث صدرت المجلدات كلها بعد جهد جهيد دام اثنين وعشرين عاماً.
الحروف المستخدمة في الترجمة:
قلت: لولا عناية الله لهذا الشيخ الجليل بأن جعله من أسرة عريقة وغنيّة وتزوج من أسرة ملكية مرموقة لحاولوا اغتياله، كما هدد جماعة من شمال الهند بقتل الشيخ شاه ولي الله الدهلوي المتوفى سنة ١١٧٦هـ، عندما عزم على ترجمة معاني القرآن الكريم إلى الفارسية، أخبرني بذلك الشيخ صفي الرحمن المباركفوري صاحب كتاب (( الرحيق المختوم )).